رمضان جريدي العنزي
«المسولفجية» كثروا في وسائل التواصل الاجتماعي، وتصدروا المشهد، على مختلف الأعمال والأجناس، بالرغم أنهم يفتقرون للمحتوى الحقيقي، أصبحوا مثل نبات الفطر ومثل الذر والنمل، الغالبية منهم يتكلمون بدون مضمون حقيقي ولا هدف، يعني: «كلام كثير، معنى قليل»، «المسولفجي» يحاول أن يقنعك بأنه مستوعب وفاهم، وبأنه قاص وراو متمكن، لكنه في الواقع يحرك لسانه، ويبالغ في حركاته، ونبرة صوته، «يملح» كثيراً ويزيد «البهارات» و»المكسرات» بشكل فج ومكشوف.
«المسولفجية» يشبهون الوجبات السريعة، شكلها حلو، وطعمها مغري، لكن ليس فيها أي قيمة غذائية، يعني: لا مصداقية عند بعضهم ولا مضمون ومصادرهم «مضروبة» جل قصصهم غير حقيقية ولا واقعية، مجرد تأليف واختراع، لا من أجل التوعية والتثقيف، بل لمجرد التكسب المادي واللايكات، أقوالهم مجرد غثاء وزبد، فارغون يجيدون الكلام المجرد، قدراتهم اللغوية محدودة، وثقافتهم هشة، لا يعرفون النحو والصرف ولا تشكيل الكلمات، لا الساكن منها ولا المرفوع أو المنصوب، لا وعي عند بعضهم ولا مسؤولية، ولا أمانة نقل، يعتمدون على العاطفة، ويتكلمون في كل المواضيع، يفتعلون الإيثارة، ويقتاتون على الترندات، ينزلون المقاطع، مرة يبكون فيها، ومرة يضحكون، ومرة يهاجمون، (دراما)، ما عندهم دقة معلومات، ولا مصادر موثوقة، ورسالتهم ليست واضحة، أدواتهم ليست كثيرة ولا باهظة الثمن، مجرد فلتر، وإضاءة، وقصة ملفقة، المسولفجي مخلوق كلامي، يتنفس ويعيش على الحكايات، حتى وأن كانت من صنع الخيال، يعشق الضوء، ويحب الجدل، ويتغذى على الإعجاب، يعتقد بأن الناس تنظر «طلته»، وأنه «ترمومتر» وإذا ما تكلم فإن الدنيا ناقصة، يسولف عن التربية وهو لا يعرف كيف يرتب سريره، وعن النظافة وهو لا يعرف معجون الأسنان، يسولف عن الأخلاق وهو دائماَ مع الآخرين في سباب وشتيمة، يسولف عن الوعي وهو لا يميز بين المعلومة والإشاعة، جمله مكررة، ومواضيعه مكررة، ومصدره الخيال والتهيؤ، يشوه المفاهيم، ويزعزع الثقة، ويصنع الضجيج، المسولفجي مثل «الفشار» يطقطق بلا الفائدة، وكما قال الشاعر (ابن جعيثن):
كل مشغول في فنه
يظهر قوله على ظنه