د. محمد عبدالله الخازم
يقام هذا الأسبوع ملتقى القطاع غير الربحي في التعليم والتدريب، ويتوقع أن يكون - أو هكذا نتمنى- شاملاً لمكونات القطاع غير الربحي وليس فقط القطاع الخيري. للأسف، لا يوجد تجارب تعليمية بارزة في إدارة المدارس كمؤسسات تعاونية (نظام الجمعيات التعاونية) كما لا يوجد مدارس غير ربحية ضمن ما يعرف بالمدارس المستقلة - سنعرف المصطلح أدناه - غير الربحية.
يوجد مدارس أهلية ضمن مفهوم غير الربحية، أسسها رجال أعمال، كمبادرات وإن كانت تعمل وفق مفهوم تجاري إلا أنهم يعيدون أغلب أرباحها لتطويرها. أهم مبادئ تطور العمل غير الربحي أن تعود مكاسبه/ أرباحه لتشغيل المؤسسة وتنميتها وليس توزيعها على الملاك والمساهمين.
يمكن الإشارة سريعاً إلى نماذج مثل مدارس الفلاح وعائلة آل زينل في جدة، ومدارس الظهران وعائلة التركي في الشرقية، ومدارس النموذجية وعائلة الخضير في الرياض والقصيم وغيرها، وعلى مستوى التعليم العالي هناك العديد من الجامعات غير الربحية. مع الاعتذار لعدم حصر وذكر جميع البيوتات والأسماء الفاعلة في هذا المجال في مختلف مناطق بلادنا، رغم أنهم يستحقون، وأتمنى أن يكون هناك مجال لحصرهم وإبرازهم وتقديرهم من قبل الجهات ذات العلاقة.
هناك نموذج آخر، لم ينمو رغم تبنيه من قبل الدولة، ألا وهو نموذج المدارس المستقلة أو (Charted schools) حيث أقره مجلس الوزراء الموقر عام 2018م. حينها، أوضح وزير التعليم الأسبق - معالي الدكتور أحمد العيسى - بأنها مبادرة تهدف إلى رفع كفاءة تشغيل المدارس الحكومية من خلال مؤسسات خاصة يؤسسها التربويون الذين لهم خبرة وتجربة تربوية ميدانية ووفق نموذج تشغيل أبرز معالمه إسناد إدارة المدارس الحكومية لمشغلين من ذوي الخبرة التربوية. كانت الفكرة هي البدء بـ25 مدرسة تجريبية كمرحلة أولى على أن تعمم التجربة لاحقاً. لعل هذا الملتقى يجيب؛ ما الذي حصل في مشروع/ مبادرة المدارس المستقلة؟ هل تم تقييم المبادرة ولماذا فقدت الحماس لتنفيذها؟
المدارس المستقلة يؤسسها ويديرها تربويون وفق معايير تختلف من دولة لأخرى، وقد تكون عبر إيكال المدرسة الحكومية إلى جهة/ فرد/ أفرد/ مجموعة تعليمية لإدارتها بشكل مستقل وفق ضوابط عامة. بالنسبة للعلاقة بين القطاع غير الربحي والمدارس المستقلة، فقد يكون القطاع غير الربحي هو من يدير المدرسة المستقلة، وقد تتحول المدرسة المستقلة من مؤسسة حكومية تقليدية إلى مستقلة غير ربحية قادرة على توليد مواردها الذاتية.
المدارس المستقلة تتجاوز فائدتها الناحية التنظيمية والإدارية، إلى إتاحتها الفرصة للإبداع والتطوير والمنافسة في العملية التعليمية، بما في ذلك تطوير مناهجها وطرقها وآليات تشغيلها. بمعنى آخر، المدرسة المستقلة تمنح القيم الثلاث المهمة في العملية التعليمية؛ إتاحة الفرصة للتطوير والإبداع، إتاحة الخيارات للمستفيدين، وبناء نموذج المسؤولية/ المحاسبية على النتائج وليس العمليات.
وغني عن القول، كلما تم التخلص من القيود الإدارية والتنظيمية والمركزية الحكومية في التعليم سواء العام أو الجامعي، زاد الإبداع والتميز.
ختاماً، ملتقى القطاع غير الربحي في التعليم يحتاج تطوير يتفق مع أهمية العنوان، عبر انفتاحه بشكل أكبر على حوارات ونقاشات معمقة تسهم في إيجاد الحلول للصعوبات وتطوير سياسات العمل والتمكين في المجال التعليمي غير الربحي، بكافة مكوناته وبمساهمة جميع المهتمين.