د. صالح العبدالواحد
في عالم الإدارة، نعتمد على مؤشرات وتقارير معقدة لقياس الإنجاز؛ كأن نبحث عن مؤشرات الأداء الرئيسة (KPI)، أو العائد على الاستثمار (ROI)، أو معدل الابتكار، وغيرها من المصطلحات المحفوظة عن ظهر قلب.
ورغم أهمية تلك المؤشرات، إلا أنها تستنزف وقتًا طويلًا حتى تُظهر النتائج الحقيقية، ولا تزال قابلة للتجميل أو التلاعب لتبدو «وردية» بينما الواقع ربما يكون مخيبًا للآمال.
تُكتب التقارير، وتُراجع، ثم تُرفع للإدارات العليا، وقد تظل حبيسة الأدراج أو تُصنّف ضمن ملفات سرية قد لا يطّلع عليها أحد.
أما قوة العمل الحقيقي، فتكمن حين تظهر نتيجة جهدك واضحة أمام أعين العالم، لا تحتاج إلى تزيين ولا وسيط ليفسرها.
هناك مجال وحيد لا يقبل التجميل ولا يعرف المجاملات، ولا ينفع معه العبث أو التلاعب:
إنه عالم كرة القدم.
في تسعين دقيقة فقط، يمنحك الملعب حصيلة جهد شهور وسنوات،
النتيجة تُعلَن على الهواء مباشرة، أمام أعين الملايين.
بعد صافرة النهاية، ستعرف حصاد عملك، دون حاجة لتقرير أو عرض تقديمي أو تمرير عبر لجان.
كل شيء واضح للعيان، لا مواربة فيه.
هنا، لا مكان للرمادية:
إما فوز أو خسارة.
إما إعداد يواكب الرؤية أو إخفاق يكشف كل تقصير.
وإذا أحرزت الفوز، لا تحتاج أن تعلنه… العالم كله يعرف، وسيركز عليك.
سيتسابق الجميع للتحليل والتساؤل:
كيف تحقق النصر؟
ما نقاط قوتك؟
كيف واجهت خصمك؟
والأهم: من مهّد الطريق، وأزال العقبات؟
سينظر العالم بإعجاب، باحثًا في خطواتك عن سر الوصول إلى القمة، ليتعلم كيف يُصنع المجد حين يصبح الحلم حقيقة.
وهنا تتجلى الحقيقة بأبسط صورها:
«الملعب لا يكذب.»
لم تعد هذه العبارة مجرد تعليق رياضي أو مثل متداول، بل غدت معيار أداء جديدا واضحًا، شفافًا، لا يمكن تزييفه، ولا يحتاج وسيطًا لشرحه أو تفسيره.
فوز فريق سعودي على مانشستر سيتي، أحد عمالقة الكرة العالمية، لم يكن مجرد انتصار عابر، بل اختبار حي لسؤال حيوي: هل نحن نسير في الاتجاه الصحيح؟
وجاء الجواب من أرض الملعب، في صمتٍ يملأ الأفق هيبة، صمتٍ يُجبر الجميع على الإنصات، وأمام أنظار العالم:
«نعم، نحن على الطريق الصحيح».
هذا اليقين لا يأتي مصادفة؛ بل هو ثمرة قيادة تعرف وجهتها، وتؤمن بالعمل والنتائج، لا بالخطابات أو الشعارات.
نطمئن لأن من يقود هذه المرحلة هو سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قائد يبني وطنًا لا يكتفي بالأرقام، بل يصنع واقعًا يُبهر العالم، مستندًا إلى رؤية الملك الحكيم سلمان بن عبد العزيز، أمد الله في عمره.
حين تظهر النتيجة جلية على أرض الواقع، يدرك الجميع أن الحلم السعودي أصبح حقيقة؛ فليس النجاح في الأرقام وحدها، بل في أثر العمل حين يصبح واقعًا يصفق له العالم.
حين يهزم فريق سعودي بطل إنجلترا في تسعين دقيقة، تدرك أن عناصر الرؤية بدأت تثمر، وأن ما تراه حقيقة لا يمكن أن تختصره الأرقام.
نعم، الملعب لا يكذب.
وأصبح اليوم معيار أداء عالمي، سعودي الهوية، عالمي الرسالة.