علي حسن حسون
في مشهد استثنائي، يسجّل فيه الهلال حضوراً تاريخياً ومنافسة شرسة في قلب الحدث الكروي العالمي، حيث جاء تنظيم النسخة الموسعة من البطولة -التي تضم 32 نادياً من مختلف قارات العالم- ليشكل نقلة نوعية في تاريخ بطولات كأس الأندية 2025
ومنذ لحظة إعلان النظام الجديد للبطولة، ترقّب المتابعون ما ستقدّمه الأندية العربية في هذا المحفل العالمي، وتساءل كثيرون إن كانت هذه الفرق قادرة على تجاوز حدود التمثيل المشرف، والمنافسة فعليًا على أرض الملعب.
وها هو نادي الهلال السعودي، ممثل المملكة العربية السعودية وآسيا، يردّ عمليًا على تلك التساؤلات، ويكتب اسمه بأحرف من ذهب في سجل البطولة، بأداء تاريخي وعروض مذهلة لفتت أنظار العالم.
كانت البداية أمام العملاق الأوروبي ريال مدريد، أحد أنجح الأندية في تاريخ كرة القدم وأكثرها هيبة على الساحة الدولية. دخل الهلال المباراة بثقة كبيرة، دون رهبة من الاسم أو الإنجازات، واستطاع أن يفرض أسلوبه على مجريات اللقاء، مقدمًا أداءً تكتيكيًا عالي المستوى، وتنظيمًا دفاعيًا وانضباطًا كبيرًا، قابله شجاعة هجومية وجرأة في التقدم نحو المرمى وفي مشهد لم يكن متوقعًا من فريق آسيوي، فرض الهلال على ريال مدريد نتيجة التعادل الإيجابي، في واحدة من أكثر المباريات تشويقًا وتكافؤًا، ليؤكد منذ أول ظهور له في البطولة أنه ليس ضيف شرف، بل منافس حقيقي في سباق الأقوياء.
ثم جاءت الملحمة الكبرى أمام مانشستر سيتي الإنجليزي، بطل أوروبا وأحد أقوى الفرق في العالم تكتيكًا وتنظيمًا وإمكانات. ومنذ لحظة الإعلان عن المواجهة، شكك كثيرون في قدرة الهلال على مجاراة أبطال أوروبا، وقلّل البعض من فرصه في تحقيق نتيجة إيجابية، نظرًا للفارق الكبير في الخبرة والإمكانات، ولكن الهلال، بروح الكبار وعزيمة الأبطال، قلب كل التوقعات رأسًا على عقب، وقدم واحدة من أروع مبارياته على الإطلاق، حيث لعب بندّية كاملة أمام فريق يضم نخبة لاعبي العالم ومدربًا من الطراز الأول.
بصراحة كانت مباراة تاريخية لا تُنسى، حبست أنفاس الجماهير حتى الثواني الأخيرة، تمكن الهلال من التفوق على مانشستر سيتي بنتيجة 4-3، بعد أن قدّم عرضًا فنيًا راقيًا جمع بين الصلابة الدفاعية، والسرعة الهجومية، والذكاء في استغلال المساحات، إلى جانب روح قتالية نادرة.
وبهذه العروض الرائعة، أثبت الهلال أنه ليس مجرد نادٍ آسيوي ناجح، بل أحد أبرز الأندية العالمية القادرة على صناعة الفارق في أكبر المسارح الكروية لقد أظهر الهلال أنه يمتلك كافة عناصر الفريق البطل؛ من جهاز فني عالي الكفاءة، إلى لاعبين متمرسين يملكون القدرة على التعامل مع ضغوط المباريات الكبرى، بالإضافة إلى إدارة تعمل برؤية طموحة، وجماهير وفية لا تتوقف عن الحلم والدعم.
وسط الأداء الكبير والمستويات الرفيعة التي يقدمها الهلال في كأس العالم للأندية، يظهر - للأسف - عدد من الإعلاميين المنتمين لأندية محلية منافسة، ممن اختاروا طريق التهكم والاستهزاء بممثل الوطن في هذا المحفل العالمي.
وإنه لمن المؤسف حقًا أن يصدر مثل هذا السلوك من بعض من يُفترض أن يحملوا رسالة الإعلام بمسؤولية وحياد، إلا أن بعضهم - مع الأسف - فقدوا المعايير المهنية، وتحولوا إلى مشجعين تغلّفهم عصبية كروية مفرطة، جعلتهم يعجزون عن التفريق بين الانتماء الرياضي والواجب الوطني.
إن تمثيل الهلال في هذه البطولة لا يخص ناديا بعينه، بل هو تمثيل للوطن بأكمله، ويستحق الدعم والتقدير من الجميع مهما كانت الانتماءات، فالوطن دائمًا أكبر من كل الأندية، والنجاح الخارجي لأي نادٍ سعودي هو نجاح للكرة السعودية جمعاء.
أخيرًا، لقد أصبح الهلال قصة نجاح تُروى، ورسالة أمل للأندية العربية الطامحة، بأن الطموح لا سقف له، وأن مواجهة الكبار والانتصار عليهم ممكن عندما يتسلح الفريق بالإرادة والانضباط والاحتراف.