د. أحمد محمد القزعل
يقول الكاتب جون ديوي: «التعلم الحقيقي لا يتم إلا من خلال التجربة، وهذا ما يفعله التعليم الإبداعي»، فالتربية الإبداعية هي نوع من التربية التي تهدف إلى تنمية القدرات العقلية والوجدانية للفرد بشكل يحرّره من القوالب التقليدية، ويمنحه القدرة على الابتكار والتفكير النقدي والتعبير عن ذاته بطرق غير مألوفة، إنها تربية تقوم على تشجيع الطفل أو المتعلم على استخدام خياله، واكتشاف حلول جديدة للمشكلات والتفكير خارج الصندوق، والتربية الإبداعية لا تعتمد فقط على نقل المعلومات بل تهدف إلى بناء شخصية مستقلة ومفكرة ومبدعة.
هذا، وتكمن أهمية التربية الإبداعية في أنها تُعِدّ الإنسان لمواجهة تحديات العصر الحديث، حيث لا تكفي المعارف الجاهزة، بل يحتاج الفرد إلى مهارات التفكير والتخطيط والابتكار، كما تساهم التربية الإبداعية في بناء مجتمع معرفي متطور يعزز من قدرات أفراده على الإسهام الفعّال في مجالات العلم والاقتصاد والثقافة والفنون وغيرها، كما أنها تدعم الصحة النفسية للفرد من خلال تعزيز الثقة بالنفس والشعور بالقدرة على الإنجاز.
وتقوم التربية الإبداعية على مجموعة من الأسس والمقومات، منها:
تشجيع حرية التعبير وإتاحة المجال للخيال، واحترام الفروق الفردية والاعتراف بتنوع المواهب، واستخدام أساليب تعليمية نشطة مثل التعلم القائم على المشاريع والتعلم التعاوني، مع ضمان وجود بيئة تعليمية آمنة ومحفزة، ووجود معلمين مبدعين يدعمون الاستقلالية الفكرية للطلبة، مع أهمية تطوير المناهج لتشمل مهارات التفكير العليا.
ولتطوير التربية الإبداعية لابد من: تدريب المعلمين على استراتيجيات التعليم الإبداعي، وإعادة تصميم المناهج لتشمل مهارات التفكير الناقد وحل المشكلات، وإدماج التكنولوجيا الحديثة في التعليم، وبناء بيئة تعليمية مرنة تشجع على التجربة والاكتشاف، وتشجيع المشاريع الفردية والجماعية، وتقييم الطالب بناءً على الأداء العملي وليس فقط الاختبارات التقليدية، والعمل على إقامة شراكات بين وزارات التعليم ومراكز البحث العلمي، وتوفير تمويل خاص لدعم المشاريع الإبداعية في المدارس، وإشراك الأسرة في العملية التعليمية لتشجيع بيئة الإبداع خارج المدرسة، وإنشاء حاضنات تعليمية لدعم الموهوبين والمبتكرين.
حقيقة، إن التربية الإبداعية في عصرنا الحاضر لم تعد خياراً بل أصبحت ضرورة من أجل بناء جيل قادر على المنافسة والتميز والإسهام في بناء مستقبل أفضل، ويجب أن نعيد النظر في أساليبنا ومناهجنا لنضع الإبداع في قلب العملية التعليمية، فنحن نستطيع أن نصنع الفرق بالتربية الإبداعية ونبني الأمل ونُعدّ الإنسان القادر على التغيير.