عبدالله صالح المحمود
في مجتمع يسعى للتقدم والشفافية، وتتكامل فيه أدوار المؤسسات لخدمة المواطن، تبرز الصحافة والإعلام كركيزة أساسية تعنى بـالرقابة المجتمعية، والمساءلة الواعية، والكشف المهني المستمر لأداء الجهات الرسمية والخاصة، ومع ذلك، تبرز تساؤلات حقيقية حول مدى حضور الإعلام واستجابته لمتطلبات المرحلة، وهل ما زال يحافظ على دوره الجوهري في الرقابة والنقد البناء؟
حين ينهض الإعلام بمسؤوليته، ويتحرك كـعين مجتمعية تراقب وتكشف، فإنه يسهم في تكريس الشفافية، وتحفيز المسؤول، وبناء جسور الثقة بين المواطن وصانع القرار. فالإعلام ليس ناقلًا للمعلومة فحسب، بل شريك في صناعة الوعي، ومحرك للرأي العام نحو الإصلاح والتحسين.
بعض الزملاء الصحفيين باتوا يفضلون الاكتفاء بالتقارير السطحية، وتجنب الخوض في الملفات العميقة والمؤثرة، رغم أن البيئة التنظيمية لا تمنع الطرح المسؤول، ولا تضيق على السؤال المهني المشروع.
وهنا تبرز إشكالية دقيقة تستحق نقاشًا وطنيًا هادئًا وشفافًا:
هل تراجع الإعلام عن أداء دوره الرقابي؟
أم أن بعض المؤسسات آثرت الخط الآمن على مساءلة الواقع؟
أم أن هناك فجوة في فهم العلاقة بين الإعلامي والجهة الرسمية، جعلت القلم يتردد بدل أن يتحرك؟
إن الإعلام ليس منبرًا للفعاليات والبيانات فحسب، بل هو أداة رقابة مجتمعية، وذراع وطني للآراء الهادفة، وصوت صادق يعكس تطلعات الناس ويعبر عن همومهم. وفي ظل التحولات الكبيرة التي تعيشها المملكة ضمن رؤية 2030، تزداد الحاجة إلى إعلام مهني، يسلط الضوء على التحديات بوعي، ويطرح الحلول بموضوعية، ويسهم في تحسين جودة الحياة.
الصحفي الحقيقي يتحرك بدافع وطني، وفق مسؤولية وطنية تحكمها الأخلاق والمهنية، وتستند إلى الوعي. كما أن المسؤول يعتبر وجهة النظر وسيلة تقويم، وصوتًا شريكًا في البناء.