د.عبدالعزيز الجار الله
لكل مدينة شخصيتها الجغرافية، ومرتكزاتها الطبيعية التي تعيد تشكيلها في كل مرحلة حضارية، وتعد الجبال من أهم المقسمات الطبيعية بين الدول والمدن وحتى في تقسيم مياه الأمطار، كذلك الحال دور الأنهار والأودية الأخدودية الكبيرة والبحيرات، والكثبان الرملية في التقسيم، وأيضا الطرق الواسعة مقسمة بين المدن والنواحي الجغرافية.
المخططون والمهندسون يرون في المعالم الطبيعية ميزة وخاصية إيجابية في هندسة المدن، في حين يراها البعض من التكوينات السلبية عائقا لبعض الحلول والمعالجات.
في مدينة الرياض فرضت جبال طويق - حافة طويق - نفسها على هيكلية وبناء مدينة الرياض، هذه السلسلة الطولية والممتدة بطول (1200) كيلومتر من شمال نجران حيث تتغطى الجبال برمال الربع الخالي، إلى الزلفي حين تختفي بانسيابية تحت رمال الثويرات، وتظهر مرة أخرى على شكل حافة أو صفراء، وبالحقيقة هضبة تعرف باسم هضبة التيسية شرقي القصيم وحائل، وأعلى قمم حافة طويق، قمة فريدة الشظية، الواقعة شمال غرب مدينة الحريق، بمنطقة الرياض، تبلغ ارتفاعها نحو (1196) مترا.
يشبه جبل طويق بالعمود الفقري لوسط المملكة حيث (يفلق) وينصف هضبة نجد إلى نصفين: مدن واقعة على ضفته الشرقية، ومدن أخرى واقعة على الضفة الغربية. وكذلك الحال أصبح مقسما لمدينة الرياض، لذا فرض وجوده على تخطيط الرياض بكل تشكلاته: حافاته و(خصال الجدائل) المنطلقة من جسد جبل طويق؛ لتضيف مكونات أصبحت من معطيات وركائز الرياض وسمة من شخصيتها الطبوغرافية.
في السابق كان جبل طويق الحد الغربي لمدينة الرياض، وفي العصور القديمة كانت الحافة العالية تعترض تدرج انخفاضات الدرع العربي شرقا، وتعزله عن سهل ورمال القطاع الرسوبي، بمعنى أن طويق يفصل جبال عالية نجد الامتداد الطبيعي لجبال المرتفعات الغربية جبال السروات وجبال الحجاز، عن سهول ورمال هضبة نجد.
لذا أطلق على حافة طويق اسم العارض لأنها تعترض مسيرة قوافل الحج والتجارة القادمة من جنوب الخليج العربي مروراً باليمامة وحجر اليمامة، وحتى يصل إلى المدينتين المقدستين والبحر الأحمر بالذهاب والإياب، وكانوا لا يعبرون طويق إلا من خلال مسارات الأودية، أو الصعود المتدرج هذا في الأزمنة التاريخية، أما اليوم في زمن تنمية الرؤية فهو أيقونة 2030، حيث انتشرت مشاريع القدية على حافاته وبطون أوديته، والسهول الغربية التي شكلتها جدائل طويق (مطلات) على الفضاء الواسع الغربي، وكذلك على المطل الشرقي المفتوح على السهوب المنبسطة قديما التي تحولت إلى مدينة الرياض.