د. سامي بن عبدالله الدبيخي
تحقيقًا لمستهدفات رؤية 2030 التي تسعى لتعزيز جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن ورفع مستوى تجربة الزوار لروحانية المكان، أصدرت الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة «دليل الأنظمة والاشتراطات التخطيطية والتصميمية لمصليات مباني الضيافة السياحية بالمنطقة المركزية». يهدف هذا الدليل لتخفيف الضغط على المسجد الحرام وتقليل الازدحام في ساحاته من خلال ضبط عملية تخطيط وتصميم مصليات على مستوى فنادق المنطقة المركزية لزيادة الطاقة الاستيعابية للمصلين وتحسين الخدمات المقدمة وتعزيز تجربة قاصدي المسجد الحرام من الزوار والمعتمرين.
سعت الهيئة من خلال وضع هذه الأحكام التنظيمية لإيجاد ترابط وتكامل مباني الضيافة مع المسجد الحرام من خلال إقامة مصليات وتحسين جودة مساحاتها بوضع أنظمة واشتراطات تخطيطية وتصميمية وفق معايير عالية تلبي احتياجات المصلين من حيث الراحة والسلامة مع مراعاة الضوابط الشرعية والتنظيمية، وعملاً بفتوى جواز استمرارية صفوف الصلاة.
لتحقيق هذا الترابط والتكامل مع المسجد الحرام، اهتم الدليل بوضع اشتراطات فراغية ومساحية كأن يكون موقع المصلى في الأدوار الأرضية أو الخدمية مع ضرورة وجود اتصال بصري بالحرم المكي. كما وضع نظامًا لحساب مساحة المصلى بناء على شرط استيعاب كامل النزلاء والزوار في المشاريع المستقبلية مع تحديد 1م2 كنصيب للفرد مع الخدمات الملحقة. أما في مباني الضيافة القائمة فيُشترط فيها استيعاب 30 في المائة من الزوار فقط مع 100 في المائة من النزلاء. أما اشتراطات الطراز المعماري فنصَّت على وجوب أن يكون تصميم المصليات مستوحى من عمارة المسجد الحرام، مع ثلاثة نماذج تصميمية تتفاوت في درجة التشابه والتماهي مع طراز الحرم. أما بخصوص المواد والألوان فتمثلت متطلباتها في تفضيل استخدام خامات مثل الرخام والأحجار الطبيعية، مع ألوان متناسقة ومريحة للعين.
كما لم يغفل الدليل سنَّ بعض الاشتراطات الفنية كالارتفاع الذي يجب ألا يقل عن 3 أمتار في المباني الجديدة و2.5 متر في المباني القائمة، مع وجوب سهولة الوصول للمداخل والمخارج وتوفير دورات مياه وأماكن الوضوء، دون إهمال مراعاة احتياجات ذوي الإعاقة تأميناً لراحة وسلامة الجميع. ولضمان انخراط المطورين والمستثمرين كشركاء النجاح في هذه المجال، نصَّ الدليل على تقديم محفزات لهم كزيادة مسطح البناء بنسبة 15 في المائة، وإضافة أدوار إضافية دون اشتراط توفير مواقف سيارات لها.
لا شك أن هذا الدليل يُمثل خطوة مهمة نحو تحسين البنية التحتية للخدمات الدينية في مكة المكرمة، حيث يسهم في توفير بيئة مناسبة للصلاة وتخفيف الضغط عن المسجد الحرام وساحاته. ومع التزام جميع الجهات المعنية بالاشتراطات الواردة في هذا الدليل، فإنه عندئذ يمكن تحقيق تجربة مميزة للزوار والمعتمرين، تعكس مكانة المملكة كوجهة دينية عالمية. يُعد الدليل أيضاً نموذجاً للتخطيط المتكامل الذي يجمع بين الاحتياجات الشرعية والتنظيمية والتخطيطية والتصميمية، مما يجعله مرجعاً قيماً للمهتمين بتطوير مرافق الضيافة في المنطقة المركزية بمكة.