د. سطام بن عبدالله آل سعد
ترجّل الهلال من كأس العالم للأندية، لكنّه لم يخرج من قلوب عشّاقه، ولا من صفحات التاريخ التي خطّها بعرق اللاعبين، وعناد الإرادة، وروح القتال. خرج من البطولة، ولكنّه بقي في البطولة.. بقي في الذاكرة، في التحليل، في النقاش، وفي العناوين الكبرى التي تصدّرت الصحف والمنصّات حول العالم.
ما قدّمه الهلال كان معركة شرف كروي، خاضها فريق يفتقد لمهاجمين، ويئن من إصابات، ويعاني من ضغط مباريات متوالية، وموسم صعب جدًا، ولكنه رغم ذلك، لم يبحث عن مبرّرات، بل صنع المجد بأقلّ الإمكانيات، ووقف شامخًا أمام عمالقة اللعبة، في بطولة لا ترحم.
الهلال خسر أمام فلومينينسي، ولكنّ العالم أجمع، شهد من خسر فعلاً.. تحكيم مرتبك، وركلات جزاء لم تُحتسب، وقرارات أثارت حتى دهشة المحللين قبل الجماهير. ومع ذلك، أكمل المباراة كما يفعل الكبار، برأس مرفوعة، وبشجاعة المقاتل الذي يعلم أن الخسارة لا تنتقص من الكرامة، إنما أحيانًا تزيدها توهّجًا.
لقد أثبت الهلال بما لا يدع مجالًا للشك، أنه فريق سعودي عالمي، لا يقل شأنًا عن كبرى أندية أوروبا. طريقة اللعب، الذهنية، الالتزام التكتيكي، الأداء الجماعي، والروح التي لا تستسلم.. كل ذلك قدّم الهلال من خلاله نموذجًا متكاملًا للفريق المتطور الذي ينافس ليثبت أنه في قلب الخارطة الكروية العالمية.
شكراً للهلال. شكراً لهذا النادي الذي أصبح علامة فارقة في الرياضة السعودية، وأيضًا في صورتها الدولية. شكراً لأنه أرسل للعالم رسالة غير مكتوبة، مفادها أن الكرة السعودية تحوّلت من ضيف شرف إلى رقمٍ صعب، واسمٍ محترم، وبطل يُحسب له ألف حساب.
شكراً للهلال لأنه قاتل في الميدان، وارتقى بمستوى الطموح، وشرف الوطن حين تخلّى البعض عن فكرة التمثيل المشرف. الهلال لا يلعب لنفسه كما يفعل البعض، هو يلعب للمملكة، لهويتها الرياضية، ولصورتها المتقدّمة في المحافل العالمية.
ترجّل البطل، نعم، ولكن لا أحد يُنكر أنه كان فارس هذه البطولة، وإن لم يحمل الكأس. ترجّل الهلال، ولكنّه غرس علم المملكة في أعلى نقطة يمكن أن يصلها نادٍ آسيوي وعربي. وهذا وحده، يكفي لأن يُقال: شكرًا يا زعيم.
قد يخسر البطل الجولة، لكنه لا يفقد هيبته.. وحدهم العظماء يخرجون مرفوعي الرأس، لأن المجد لا يُقاس بالكأس فقط، بل بما تركوه في صفحات المجد والتاريخ.
** **
- مستشار التنمية المستدامة