م. بدر بن ناصر الحمدان
تعد (العمارة الترابية) أحد التعبيرات الأكثر أصالة وقوة للقدرة على إنشاء بيئة مبنية باستخدام الموارد المتاحة بسهولة وفق (برنامج العمارة الترابية للتراث العالمي)، وهو مبادرة لليونسكو بهدف تحسين حالة حفظ وإدارة مواقع العمارة الترابية حول العالم منذ 2007، والذي يعرف العمارة الترابية على أنها «نظام بناء تقليدي يستخدم التربة كعنصر أساسي في الإنشاء، وهو شائع في العديد من الثقافات حول العالم. وتتميز هذه العمارة بتنوعها المحلي، وقابليتها للتكيّف مع المناخات المختلفة، وكفاءتها البيئية. وتُعد من العناصر الأساسية في التراث المعماري الإنساني، وتتطلب صونًا خاصًا بسبب هشاشتها الطبيعية وتعرضها لعوامل التدهور البيئي».
تختلف العمارة الترابية من منطقة إلى أخرى وفقًا للبيئة والعادات والتقاليد المحلية واقتصاديات المدن، وتتباين أساليب بنائها والمواد المستخدمة فيها، وتختلف موادها باختلاف أنواع التربة ومصادرها مثل التربة الرملية، التربة الطينية، التربة الطميية، التربة الطينية الرملية، التربة الصخرية، التربة العضوية وكل نوع له استخداماته تبعاً لظرفية الموقع، وفي سياق البناء الترابي غالبًا ما يُفضل استخدام تربة تحتوي على مزيج من الرمل والطين (مثل الطميي أو الطيني الرملي) بنسبة مناسبة لتحقيق التماسك والمتانة، مع إضافة مواد مضافة مثل القش أو الجير لتحسين الخصائص.
ومن أبرز أنواع تقنيات وأشكال البناء في العمارة الترابية (اللبِن) وهو طوب يُصنع من مزيج من الطين والماء والقش ويُجفف تحت أشعة الشمس دون أن يُحرق، وهناك أيضًا (المداميك) وهي تقنية تقوم على وضع التربة على شكل طبقات تُدك بقوة لتشكيل جدران متماسكة وسميكة، كما توجد (الهياكل المغطاة بالطين) التي تعتمد على هياكل من الخشب أو القصب تُغطى بخليط من الطين والقش وتُستخدم عادةً في الأسقف أو الجدران الخفيفة الداخلية، وفي التقنية الحديثة تستخدم قوالب (التربة المضغوطة) التي يتم فيها ضغط التربة داخل قوالب بواسطة آلات، وغالبًا ما يُضاف إليها مواد مثبتة مثل الجير أو الإسمنت لتعزيز متانتها.
تعكس هذه الأساليب المختلفة قدرة الإنسان على التكيّف مع بيئته واستخدام الموارد المحلية لبناء مساكن عملية ومستدامة، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى مفهوم (العمارة الطينية) والذي يتناول التركيز بشكل خاص على استخدام الطين النقي أو شبه النقي كمادة بناء، سواء في صورة طين رطب يُستخدم مباشرة (مثل اللبن أو القوالب)، أو في صورة خليط مع إضافات مثل القش، وهي تعد فرعًا من العمارة الترابية، وغالبًا ما تشير إلى البناء باستخدام الطين فقط دون التركيز على أنواع أخرى من التربة.