د. عيسى محمد العميري
انتهى تحالف ترامب وماسك الذي بدأ من الزمالة إلى الصدام السياسي، حيث شهدت العلاقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورجل الأعمال إيلون ماسك، مؤسس تسلا وتويتر (سابقًا) وSpaceX، تطورًا دراماتيكيًا على مدى الأشهر الماضية، تكلل بقطيعة علنية خلال الأيام الأخيرة.
حيث في البداية، ارتبط ماسك بترامب بعلاقة «بروباغاندا سياسية»، حيث دعم ماسك حملة ترامب الانتخابية في 2024 بخزانة تتجاوز 250-300 مليون دولار، كما تولى دور مستشار غير رسمي لإدارة ترامب، خاصةً في مبادرة الحسم التقشفي المعروفة باسم «إدارة الكفاءة الحكومية» أو DOGE . خلف الكواليس، أمضى ماسك وقتًا في البيت الأبيض، وكان يُعَدُّ أحد أقرب المقربين لترامب. ولكن الأعاصير السياسية بدأت تلوح في الأفق.
واجهت العلاقة أول انكسار حاد حين تبنت إدارة ترامب مشروع القانون الضخم للإنفاق والضرائب، المعروف باسم «Big Beautiful Bill»، الذي تضمن إلغاء أو تقليص الحوافز الضريبية للمركبات الكهربائية - مشكلة أساسية لعائلة ماسك، قام ماسك بإدانة المشروع علنًا، واصفًا إياه بأنه «مقزز» (disgusting abomination) ، وهو ما أثار غضب ترامب. ثم تصاعدت التوترات بين الطرفين، حيث توهّم ماسك باتهامات غير مؤكدة تتعلق بعلاقة ترامب بقضية جيفري إبستين، بينما بدا ترامب مستعدًا للانتقام من خلال التهديد بقطع عقود حكومية ضخمة عن شركات ماسك كـSpaceX وستارلينك!.
وفي بداية يونيو 2025، أعلن ترامب بشكل صريح أن علاقته بماسك قد انتهت نهائيًا، مؤكّدًا عدم نيته بإعادة التصالح وإنه في حالة تأهب لأي دعم مالي لماسك لحملة ديمقراطية. ومن جهته، تراجع ماسك عن بعض تصريحاته على تويتر، لكنه لم يعد خطوة إلى الوراء بالكامل. واعتبرت هذه القطيعة التي لم تقتصر على الانفصال الشخصي فقط.. بل طالت أبعادًا أوسع. أفقدت ترامب أحد أكبر داعميه في الميدان التقني، وأثارت قلق المستثمرين حول مستقبل تطبيقات ماسك؛ حيث انخفض سهم تسلا بنسبة 14 % بعد اندلاع الأزمة.
وفي المحصلة النهائية، يبدو أن العلاقة التي بدأت بزخم وتعاون استراتيجي.. انتهت بصرامة وانقسام علني على وسائل التواصل، ما يعكس التباينات الجذرية بين مصلحة التقنية والسياسة، ويضع احتمال إعادة الصداقة في الإطار النظري فقط، مع غياب أي بوادر لإحياء التواصل بين الطرفين. الأمر الذي يضيف بعداً غير واضح على العلاقة بين الرجلين منذ بدايتها وحتى تاريخه. والله الموفق.
** **
- كاتب كويتي