خالد بن عبدالرحمن الذييب
المشجع الرياضي في كل مكان له عقلية مختلفة تختلف عن عقليته عند الحديث في أي مجال آخر، فأحياناً تتحدث مع شخص في أمور معينة سواء ثقافية أو فلسفية أو اقتصادية تجده متزناً ويتحدث بلغة المنطق، قد تختلف أو تتفق ولكن هناك منطق على الأقل، ولكن عندما يأتي الحديث عن كرة القدم تجد شخصاً مختلفاً فالمنطق يغيب، والعقل يذوب في غيابات من اللاوعي، فيصبح المشجع في هذه الحالة عضواً فاعلاً في جمعية غير موجودة، يتحدث بالنيابة عن جماهير ناديه، وكأن هناك رقيباً داخلياً سيبّلغ عنه إن سمع منكراً من القول في حق ناديه ولم يدافع عنه.
إنها حالة انتماء ينسى فيها البعض نفسه، تشبه إلى حد ما حالة الفناء الصوفي لدرجة نسيان الذات. مشجع كرة القدم في حالة التشجيع تتلبسه حالة عاطفية مع عشقه الكروي، فلا وطنية، ولا عرق، ولا عقيدة، ولا فكر، ففريق كرة القدم يتكون من عدة أعراق وعقائد ومِلل، أما في المدرج فحدث ولا حرج عن اختلاف الأعراق والأديان خلف شعار واحد.
في حرب الانفصال بين اليمنَيْن الشمالي والجنوبي في تسعينات القرن الماضي تناقلت وسائل إعلام أن الصراع كان على أشده بين الطرفين نهاراً، أما ليلاً فكانوا يجتمعون لمشاهدة مباريات كأس العالم في حينه، فكان الجنوبي الذي يقف مع رفيقه الجنوبي في الحرب ضد أي طرف شمالي، من الممكن أن يقف ضد جنوبي لأنه يشجع الأرجنتين ضد عشقه إيطاليا.
في حديث مع زميل إسباني مدريدي عن نهائي الأبطال عام 1994م الذي خسره برشلونة من الميلان بأربعة أهداف مقابل لا شيء، قال حينها وبشكل ساخر إن مدريد كلها خرجت بسياراتها حاملين أعلام ريال مدريد من جهة وأعلام الميلان من جهة أخرى.
لذلك أتفهَّم أن هناك فئة لم تكن تتمنى فوز الهلال ضد فلومينيزي وسعيدة بخروجه، وأن هناك من لم يسعد بفوز الأهلي بنخبة آسيا، ويقلل من فوز النصر بالبطولة العربية، ولكن إذا أخذنا الموضوع من جانب آخر لا شك أن هذه النتائج سيكون لها أصداء إيجابية تصب في مصلحة الدوري السعودي وما الأصداء التي نشاهدها ونسمعها إلا امتداد لمشروع بدأ منذ التعاقد مع النجم البرتغالي رونالدو.
أخيراً ...
الانتماء للأندية لا يجاريه أي انتماء.. ومع ذلك مهما اختلفوا.. فهم يعلمون أنها مجرد ... كرة!
ما بعد أخيراً ...
ربما هناك من ليس سعيداً بإنجازات خصومه، ولكن من ناحية تسويقية للدوري لا شك أننا نجحنا.