عايض بن خالد المطيري
عندما نتحدث عن منجزات وطن بحجم وتأثير المملكة العربية السعودية، فإن الدقة في التعبير ليست ترفًا لغويًا، بل ضرورة وطنية تعكس الوعي بالهوية والانتماء، وتحفظ خصوصية الاسم وانفراده على الخارطة الدولية.
ومع اتساع رقعة الإعلام وتعدد منصات النشر، أصبحت التفاصيل الصغيرة - مثل اختيار مفردة واحدة - ذات أثر كبير في رسم صورة الدولة ومكانتها أمام الرأي العام، محليًا وعالميًا. ومن بين هذه التفاصيل، يبرز استخدام مسمى «المملكة» كاختصار لـ»المملكة العربية السعودية»، وهو استخدام بات شائعًا في كثير من المقالات، والتغريدات، والبيانات الرسمية، دون النظر إلى ما قد يسببه من التباس أو تقليص لهوية الدولة.
فكلمة «المملكة» في حد ذاتها، وإن كانت تحمل معاني العظمة والحكم والسيادة، إلا أنها لا تخص السعودية وحدها؛ فالعالم يضم ممالك عدة، منها المملكة المتحدة، والمملكة الأردنية الهاشمية، والمملكة المغربية، وغيرها.
هذا الاستخدام العام قد يُفقد النص خصوصيته، ويضعف من وضوح الانتماء، خاصة في السياقات الإعلامية أو الرسمية التي تُقرأ من قِبل جمهور عالمي متعدد المرجعيات والثقافات.
فعلى سبيل المثال، حين نقرأ عبارة مثل: «في عام 2024، تجاوزت المملكة 93 % من مستهدفات برامج الرؤية»، فإن القارئ غير المحلي قد لا يستطيع تمييز أي مملكة يُقصد بها تحديدًا، مما يجعل السياق عرضة للتأويل، وربما يفقد رسالته الجوهرية.
في المقابل فإن استخدام المسمى الصريح «السعودية» يقطع الشك باليقين، ويضع الأمور في نصابها، ويعزز الهوية الوطنية بوضوح واعتزاز.
فعندما نقول: «في عام 2024، تجاوزت السعودية 93 % من مستهدفات برامج الرؤية»، فإن الرسالة تصل كاملة، وتربط المنجز باسم الوطن صراحة، دون مجال للبس أو الخلط.
هذا التحديد لا يضيف فقط وضوحًا، بل يحمل في طياته فخرًا بالانتماء لوطن لا يشبهه وطن، ويفرض حضوره على الساحة الدولية باسمٍ واضح ومتفرد.
وقد يكون من المناسب، بل من الضروري، أن تتبنى الجهات المختصة توجيهًا رسميًا بهذا الشأن، ينص على اعتماد اسم «السعودية» عند الإشارة إلى منجزات الدولة أو سياقاتها الاستراتيجية والتنموية، خاصة في البيانات الرسمية والإعلامية.
هذا التوجيه لن يكون مجرد قرار لغوي، بل هو تعبير عن وعي سياسي وثقافي يعزز من مكانة الدولة، ويحصّن هويتها، ويعكس احترامًا للكيان الذي يُمثلنا جميعًا.
كما أن هذا المقترح لا يتطلب تغييرات جذرية أو جهودًا معقدة، بل هو إجراء بسيط وعملي يمكن تعميمه بسهولة في جميع المنصات، سواء في الإعلام الرسمي، أو في الخطاب العام، أو حتى في الأوساط الأكاديمية والثقافية.
والالتزام بهذا النهج من شأنه أن يُرسّخ في الأذهان صورة واضحة ومميزة لـ «السعودية»؛ الدولة، والقيادة، والهوية، والرسالة.
ومن أبسط صور الوفاء أن نحمل اسمها الكامل بكل فخر في كل عبارة وإنجاز، ونُسهم - كلٌّ من موقعه - في تعزيز حضورها وإبراز ريادتها كما تستحق.
فالكلمات ليست مجرد أدوات للتعبير، بل هي انعكاس للهوية، وصوتٌ يحمل روح الوطن. فليكن صوتنا واضحًا، يحمل اسم «السعودية» دون تردد، بكل ما في هذا الاسم من تاريخ، وحاضر، ومجد.