د.محمد بن عبدالرحمن البشر
أعلن رجل الأعمال الأمريكي أيلون ماسك عن إنشاء حزب جديد أطلق عليه حزب أمريكا، آملاً أن يكون لهذا الحزب الجديد دور في الحياة السياسية الأمريكية في المستقبل، والجميع يعرف أن الولايات المتحدة الأمريكية يحكمها منذ عشرات السنين، بل ما يزيد عن مائة عام وعقود كثيرة حزبان لا ثالث لهما: الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري. وداخل كل حزب تيارات مختلفة تمتد من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ويلعب المال ومجموعات الضغط دوراً كبيراً في تقدم أحد الحزبين على الآخر، ولا ننسى أيضاً شخصية المترشح وجاذبيته وقدرته الخطابية، وطروحاته الاقتصادية، والاجتماعية، أما السياسة الخارجية فتقع في المرتبة الثانية، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وإنشاء دول الاستعمار لدولة إسرائيل على الأرض العربية الفلسطينية، وتهجير أغلب الفلسطينيين، أصبح لمقدار تأييد مرشح أحد الحزبين لإسرائيل دور مؤثِّر في فرص نجاحه، والمنافسة لا تكمن في التأييد من عدمه، فهذا أمر مفروغ منه، لكن مقاد التأييد الذي يقدمه المرشح لإسرائيل هو الفاصل في الأمر، ولهذا نجد التسابق المحموم في التصريحات المؤيّدة والمبالغ فيها بين المرشحين في كل دورة انتخابية، ليس لأن الشعب يريد أن يسمع ذلك، لكن لإرضاء مجموعة الضغط المعروفة والتي بيدها مفاتيح المال والإعلام، وهما العاملان المؤثّران في قدرة المرشح على الوصول إلى الناخبين.
إيلون ماسك مولود في جنوب إفريقيا وعاش هناك فترة من عمره، ثم انتقل إلى كندا وأيضاً أمضى سنوات هناك، ثم رحل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبدأ حياته العملية الناجحة من خلال شركة «تسلا» المشهورة كشهرته، ويبدو أن نجمها قد بدأ بالأفول بعد دخول الصين إلى هذا السوق الكبير، والذي أظهرت براعة في كمية الإنتاج وحسن نوعية المنتج وكفاءته ورخص ثمنه، وقد قلت مبيعات شركة تسلا بنسبة مطرده، وفي الفترة الماضية انخفضت نسبة المبيعات ثلاثة عشر في المائة، وانخفض معها سعر سهم الشركة بنسبة كبيرة مع بعض التقلبات، مما يؤثّر على ثروة ماسك العازم على إنشاء الحزب الجديد.
لقد كان إيلون ماسك صديقاً لترامب، وكان ديمقراطياً ثم اتجه إلى تأييد الحزب الجمهوري بعد ترشيح ترامب نفسه لدورة رئاسية ثانية عن الحزب الجمهوري، ونجح وأصبح رئيساً وكان للمال الذي قدّمه ماسك لترامب في حملته الانتخابية، وتسخيره سمعته ومنصة «إكس» التي يملكها الأثر الكبير في نجاح ترامب، وقد منحه ترامب لجنة الكفاءة الحكومية، لكن شهر العسل لم يدم بين الرجلين، فكان الخصام كما يعلمه الجميع بسبب مشروع الميزانية الذي اقترحه ترامب ونجح في تمريره من خلال المشرعين وبنسبة بسيطة.
وسوف يواجه ماسك في مسعاه كثيراً من العقبات، فالحزبان معاً سوف يقفان ضده، حتى لا يفقدا بعضاً من قواعدهما الانتخابية، كما أن عليه تكوين فريق قادر على طرح أفكار جديدة تختلف عن طروحات الحزبين العريقين، ناهيك عن أن ماسك نفسه رجل متحرر غير محافظ، وجلبته المصلحة، والغضب من الديمقراطيين إلى الحزب الجمهوري، والأهم من كل ذلك المسار القانوني الصعب جداً الذي يجب أن يتجاوزه لإنشاء الحزب، مثل تأهيل الحزب في كل ولاية، والمال اللازم، وغيرها كثير، وتبقى مواقفه الدولية غير معروفة، لكنها سوف تتضح في المستقبل، وسيكون محاورها إسرائيل وروسيا والصين، أما نظرته إلى أوروبا وكندا فهي إيجابية جداً.