د.علي آل مداوي
حققت بلادي وبامتياز نجاحاً منقطع النظير بتنظيم حج موسم عام 1446هـ، وتؤكد بلادي عاماً بعد آخر، أن ما تبذله من جهود جبارة في خدمة ضيوف الرحمن ليس مجرّد جهد موسمي يتحقق، بل هو عهد متجدد ناجح، ووعد دائم يتحقق وفق رؤيتها الطموحة، تسير عليه بلادي بخطى ثابته ضمن خطة شاملة ووافية، يتم العمل عليها وفق تعاون أجهزة الدولة على مدار العام، لضمان حجٍ آمن، وميسّر، ومفعم بالطمأنينة لكافة حجاج بيت الله الحرام.
ووفقاً لما كشفت عنه الهيئة العامة للإحصاء أن إجمالي أعداد الحجاج هذا العام 1446هـ بلغ (1,673,230) حاجًّا وحاجَّة، منهم (1,506,576) حاجًّا وحاجَّة، قدموا من الخارج عبر المنافذ المختلفة، فيما بلغ عدد حجاج الداخل (166,654) حاجًّا وحاجَّة، من المواطنين والمقيمين.
ولا شك أن النجاحات المتتالية التي حققتها بلادي في إدارة هذا الركن الخامس من أركان الإسلام بكل اقتدار، لم تأتِ محض الصدفة أو من فراغ، وإنما كانت ثمرة منظومة عمل متكاملة ووافية، بتوجيهات وإشراف مباشر من قبل مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو سيدي ولي عهده الأمين محمد بن سلمان آل سعود -حفظهما الله-، ليتضح المشهد في الحرص على تسهيل أداء الحجاج لمناسكهم بكل يُسر وسهولة، في بيئة آمنة، وخدمات لوجستية وصحية متفوقة وتقنية حديثة ساهمت في سعادة وتحقيق رغبات وتطلعات ضيوف الرحمن لأداء مناسكهم. هذا النجاح المتألق في المجال الأمني والصحي والتنظيمي ليس فقط مجرد أرقام تُسجل، بل هو انعكاس لاحترافية إدارية متميزة، وقدرة بشرية محترفة، وعزيمة لا تلين، جعلت من كافة المشاعر المقدسة نموذجًا عالميًا يشار لها بالبنان في إدارة الحشود التي أصبحت بلادي نموذجا متفرداً في إدارتها، والتعامل مع الملايين من البشر بكل تنسيق وانسيابية وكفاءة.
إن بلادي ومنذ نشأتها على يد المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله- ومن بعده أبناؤه الملوك البررة، الذين ساروا مسيرته العطرة، إلى ما وصلنا إليه في هذا العهد المزدهر، التي قدمت على مدار الساعة خدمات لقاصدي بيوت الله وضيوفها، مستشعرة شرف الخدمة وحمل الأمانة العظيمة في تقديم حماية بيوت الله والمشاعر المقدسة وخدمتها وخدمة قاصديها.
والآن في هذه الأيام نشهد تطورا لافتاً بخدمة ورعاية وتأمين سلامة وطمأنينة الحجاج، وهذا النجاح لم يتكلل بالنجاح إلا بتعاون كافة قطاعات الدولة وجهودها الملموسة في نجاح موسم الحج.. وسوف أتطرق إلى هذه الجهود الجبارة، وهي كالتالي:
وزارة الداخلية
تعد جهود الوزارة جليه وملموسة، فهي بمثابة العمود الفقري في استتباب الامن وتنظيم الحشود، وتوفير سلامة الحجاج نظرًا لتجمع ملايين المسلمين من شتى بقاع الأرض في بقعة جغرافية محدودة وخلال فترة زمنية قصيرة، كما لديها تخطيط استراتيجي وتنفيذ دقيق بالمهمات، والتعامل الحازم، وأثبتت قدرتها بالتكيف مع المستجدات والتحديات المختلفة، فقد واكبت الثورة التكنولوجية العصرية عبر خدمة الهوية الرقمية للحجاج مما جعل التحقق من هوية ضيوف الرحمن إلكترونيًا عبر منصتي أبشر وتوكلنا. وكذلك إصدار تصاريح الحج، تنظيم الحركة المرورية، وجهودها المتألقة في إدارة الحشود في الحرمين والمشاعر المقدسة. وتفعيل دورها في خدمة ضيوف الرحمن عبر إطلاق مبادرة طريق مكة أحد برامج رؤية المملكة 2030، ومشاركة الجهات ذات العلاقة في تقديم أرقى الخدمات عبر (12) مطارًا في (8) دول شملت المغرب، وإندونيسيا، وماليزيا، وباكستان، وبنجلاديش، وتركيا، وكوت ديفوار، وجمهورية المالديف، وبلغ عدد المستفيدين من المبادرة (314,337) حاجًا وحاجة, وعملت المديرية العامة للجوازات من خلال فرق الخدمات الإلكترونية المتنقلة على التحقق من هوية التائهين في مراكز إرشاد التائهين، والمنومين في مستشفيات المشاعر المقدسة من ضيوف الرحمن، من خلال أجهزة التحقق من الخصائص الحيوية (البصمة)، ومباشرة البلاغات الواردة من الجهات المختصة والشريكة ومعالجتها في حينها.
استخدام طائرات الدرون التي تكمن في قدرتها على المراقبة الجوية، و يساعد في متابعة حركة ضيوف الرحمن، وضمان سلامتهم وتجنب الازدحام. كما تسهم الدرون في توجيه الحجاج من خلال تقديم إرشادات فورية حول الطرق والمناطق المزدحمة، بالتنسيق مع مركز القيادة والسيطرة، إضافة إلى رصد أي حالات طارئة والتعامل معها بسرعة وفاعلية.
وزارة الحج والعمرة
قطعاً ان دورها حيوي فقد فعّلت منظومة دعم شاملة ومتكاملة تستهدف خدمة ضيوف الرحمن عبر ثلاث قنوات رئيسية تشمل كل من 1-الرعاية المباشرة 2-الدعم الميداني 3- الدعم الرقمي. وقد قدم مركز العناية بضيوف الرحمن خدماته عبر الرقم الموحد 1966 الذي كان يستقبل أكثر من 11 ألف مكالمة واستفسارات، وفي إطار جهودها الميدانية أطلقت مبادرة «نسك عناية» التي تنتشر من خلالها أكثر من 40 نقطة دعم في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، يعمل فيها أكثر من 11 ألف موظف ومساعد ميداني لتقديم الإرشاد والدعم الفوري للحجاج في مواقعهم، بشكل فوري وسلس، وأتاح تطبيق «نسك» للضيوف بيت الله إمكانية تقديم الشكاوى والبلاغات والاستفسارات، عبر أكثر من 30 خدمة رقمية متاحة، مع تفعيل خمس مسارات تسهم في تسريع وتيرة الاستجابة وحل المشكلات بفعالية.
وزارة الصحة
كان دورها بارز وداعم لتوفير الصحة لضيوف الرحمن والعمل لخدمة الحجيج وفق أعلى المعايير. بداية بمشاركة أكثر من 50,000 ممارس صحي لتقديم خدمات متقدمة وضمان الجاهزية، وكذلك رفع الطاقة السريرية في المشاعر المقدسة بنسبة 60% عن العام الماضي. استقبال ومعالجة الحجاج عبر 14 منفذًا وتقديم أكثر من 50 ألف خدمة صحية. الاعتماد على حلول رقمية متقدمة استفاد منها أكثر من 255 ألف مريض.
وزارة الخارجية
تعد جهودها واضحة وملموسة وهي مثابة الخطوط الامامية الأولى في اصدار التأشيرات عبر سفاراتها وقنصلياتها لضيوف الرحمن لأداء فريضة الحج، وأن عملية منح التأشيرات خلال موسم هذا العام قد تمت وفق تطلعات بلادي والعمل وفق ضوابط منح تأشيرات الحج ومتطلباتها والتنسيق مع وزارتي الداخلية والحج، واستخدام آخر التقنية الحديثة بواسطة شبكة الإنترنت التي ساهمت بتسهيل الإجراءات، وكذلك في خفض تكاليف التشغيل وزيادة مستوى الرقابة والمتابعة وسرعة الإنجاز.
وزارة الإعلام
تألقت في تغطية الإعلامية لموسم الحج وقدمت منصات الملتقى الإعلامية والتقنية خدماتها لأكثر من 150 وسيلة إعلامية محلية وعربية ودولية، في حين شاركت أكثر من 15 جهة حكومية وخاصة، إلى جانب منظومة الإعلام ممثلة في كل من وكالة الأنباء السعودية، وهيئة الإذاعة والتلفزيون، والهيئة العامة لتنظيم الإعلام، ومركز التواصل الحكومي. وحظيت كذلك أجنحة الملتقى الرقمية بتفاعل لافت، حيث استُعرضت من خلالها الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن من قبل الجهات الحكومية المشاركة، عبر أكثر من 3000 شاشة عرض تفاعلية وتقارير إعلامية متخصصة، وشملت التغطيات الإعلامية أكثر من 640 دقيقة بث مباشر للفعاليات، إلى جانب تقارير تحليلية موسعة، ومقابلات مع مندوبي الجهات المشاركة، بالإضافة إلى متابعة ردود الفعل الدولية على مجريات الملتقى.
ويُعتبر «ملتقى إعلام الحج»، الذي أُقيم بنسخته الثانية ضمن أعمال مركز العمليات الإعلامي الموحَّد للحج في وزارة الإعلام مجتمعًا وبيئةً إعلامية شاملة ومتكاملة، تدعم الإعلاميين في إنجاز تغطياتهم بأحدث التقنيات لتحقيق مزيد من الابتكار في التغطيات الإعلامية المحلية والإقليمية والدولية المواكبة لموسم حج 1446. وضم الملتقى استوديوهات مجهزة بالكامل، وعربات للبث المباشر، ومنصات رقمية تعمل على مدار الساعة، بإدارة فريق متخصص لتوفير خدمات إعلامية متكاملة، مما أتاح لوسائل الإعلام المحلية والدولية تقديم تغطيات متنوعة مباشرة من موقع الحدث.
واستفاد من منصة المركز الإعلامي الافتراضي (VPC) أكثر من 7000 إعلاميّ مسجّل، حيث بلغ عدد الملفات المرفوعة عبر المنصة أكثر من 397 ملفًا، فيما تجاوز إجمالي الأخبار والتغطيات المنشورة 263 تغطية إخبارية خلال حج العام الحالي.
وتدشين «منصة الصور السعودية»، التي طوّرتها وكالة الأنباء السعودية (واس) لزيادة الاستفادة من أرشيفها البصري، وتمكين صنّاع المحتوى الدوليين من استخدامه بحرية، ضمن بيئة منظمة تحفظ الحقوق وتشجع الإبداع. كما شهد الملتقى الاعلامي عقد النسخة الأولى من لقاء «GRID»، إحدى مبادرات برامجها الموحد بمركز التواصل الحكومي، الذي يهدف إلى تبادل التجارب الاتصالية بين الجهات الحكومية، واستعراض أبرز الاعمال الإعلامية.
جهود وزارة الدفاع
بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع حفظه الله، شاركت وزارة الدفاع وفق خطة شاملة تشمل الجوانب الأمنية، والتنظيمية، والصحية، فقد شاركت القوات البرية ممثلة في الشرطة العسكرية الخاصة، في تنظيم الحشود وتأمين المواقع الحيوية بالمشاعر، دعمًا لجهود وزارة الداخلية، كما تُسهم في التفويج وتنظيم الحركة في نقاط العبور الرئيسية. وشاركت القوات الجوية دعمًا جويًا متقدمًا يشمل المراقبة والاستطلاع وتأمين الأجواء فوق المشاعر المقدسة، كما تشارك القوات البحرية في تأمين المنافذ البحرية والتعامل مع المواد المشبوهة، وتدعم جهود الإنقاذ عبر فرق الغوص، إلى جانب إسهامها بوحدات متخصصة من المشاة والطيران المسيّر.
وفي الجانب الصحي، تنفذ الخدمات الصحية بوزارة الدفاع خطة طبية متكاملة تشمل تشغيل 36 مقرًا صحيًا بطاقة استيعابية تفوق 1,040 سريرًا، عبر بعثة تضم أكثر من 1,790 كادرًا صحيًا وإداريًا، موزعين على المستشفيا ت والعيادات الميدانية في المشاعر المقدسة.
جهود وزارة التعليم
ساهمت الكشافة في برنامج خدمة ضيوف الرحمن الذي أقامته الجمعية في المشاعر المقدسة، ضمن معسكرات الخدمة العامة التي تُنظمها الجمعية سنويًا لخدمة حجاج بيت الله الحرام. فقد واصلت جهود أكثر من 4,700 كشاف وجوال وقائد قد انتشروا في 14 موقعًا بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، لتنفيذ أعمال خدمية تشمل الإرشاد، والإسعافات الأولية، والضيافة، والدعم التطوعي.
كما دعمت جامعة أم القرى باستراتيجية تضمنت دعم منظومة الحج والعمرة والزيارة من خلال: البحث، والابتكار، والخدمات التَّعليميَّة، والتَّطوعيَّة، واللوجستية، وسجّلت منصة: «وفادة» الإلكترونية للتدريب «عن بُعد» أكثر من 34,000 مستفيد، ضمن مساعي الجامعة لتعزيز كفاءة الكوادر العاملة في الحج.
وقد نفذ معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بجامعة أم القرى 17 دراسة بحثية شاركت بأربعة وثلاثين باحثًا، وأكثر من 458 جامع بيانات، تنوعت مجالاتها بين: إدارة الحشود، الأمن والسلامة، الإثراء والاستدامة، التقنية والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى قياس رضا الحجاج بـ20 لغة من أبرزها: التركية، الفارسية، الهندية، الروسية، والإنجليزية.
هيئة الهلال الأحمر السعودي
شاركت بـ(71) نقطة انطلاق للتعامل مع الحالات الصحية الطارئة في الحج، وشارك أكثر من (7000) مسعف و(500) آلية أسهمت في الوصول إلى الحاج قبل أن يطلب الخدمات الإسعافية، مستعينًا بأحدث التجهيزات والوسائل الإسعافية البرية والجوية في مشهد يعكس الدقة العالية، والروح الإنسانية، والتكامل المؤسسي للهيئة.
جهود وزارة النقل والخدمات اللوجستية
لعب قطاع النقل الجوي دورًا محوريًا في نقل أكثر من 1.4 مليون حاج عبر 3,312 رحلة جوية مستأجرة، إلى جانب الرحلات المجدولة. وشاركت في هذا الجهد 62 شركة طيران. ووفر قطار الحرمين السريع أكثر من مليوني مقعد، بزيادة قدرها 400 ألف مقعد عن العام الماضي، واستفاد منه أكثر من 860 ألف مسافر حتى الآن.
نقلت الخطوط الحديدية السعودية (سار) عبر قطار المشاعر المقدسة ما يقارب (1.87) مليون راكب بين محطات المشاعر في منى ومزدلفة وعرفات، خلال فترة تشغيل التي امتدت من يوم السابع من ذي الحجة وحتى نهاية أيام التشريق، عبر (2154) رحلة وسط تنسيق عالٍ مع مختلف الجهات ذات العلاقة. أما في قطاع النقل البري، هيأت الهيئة العامة للنقل أكثر من (25) ألف حافلة، إلى جانب (9) آلاف سيارة أجرة، إضافة إلى جاهزية (180) مشرف عمليات رقابية يتواجدون في (20) موقعًا على مداخل مكة المكرمة، والمدينة والمنورة، والمشاعر المقدسة ضمن خطة تشغيلية تضمن التزام الشركات بمعايير السلامة والجودة ورفع معدل الامتثال.
استقبل ميناء جدة الإسلامي هذا العام أكثر من 5000 حاج، واستقبل أكثر من 2.6 مليون رأس من الأنعام للأضاحي.
جهود الهيئة الوطنية للأمن السيبراني
استفادت أكثر من300 جهة وطنية، وأكثر من مليون حاج من «برنامج تعزيز الأمن السيبراني لموسم حج 1446هـ»، الذي أعدته لتعزيز الجاهزية السيبرانية للأنظمة التقنية والخدمات المقدمة خلال حج هذا العام، وتطوير مهارات القدرات الوطنية المتخصصة في مجال الأمن السيبراني، ورفع مستوى الوعي بالأمن السيبراني لدى ضيوف الرحمن ومنسوبي الجهات الوطنية المشاركة في موسم حج 1446هـ، بما يسهم في تعزيز الأمن السيبراني خلال موسم الحج، ودعم الجهود الوطنية الرامية إلى تسخير جميع الإمكانات لتقديم أفضل الخدمات لضيـوف الرحمـن.
وتضمن برنامج تعزيز الأمن السيبراني أربعة مسارات رئيسية شملت :»الرصد والاستجابة للتهديدات السيبرانية، التقييمات السيبرانية الفنية، رفع كفاءة القدرات السيبرانية، رفع الوعي بالأمن السيبراني».
وزارة الرياضة
شارك 800 مشارك من كشافة وزارة الرياضة مشاركتهم وتقديم واجب الخدمة لضيوف الرحمن عبر خطة متكاملة ضمن معسكرات الخدمة العامة، والموزّعين على خمسة مراكز متفرقة في مشعر منى، وهي: المركز الرئيسي «الربوة»، ومركز وادي محسر، ومركزي «المعيصم 1 و2»، و»مركز العمليات». وتشمل الخدمات التي قدّموها تنظيم عمليات تفويج الحجاج، وإدارة الحشود، والإرشاد إلى مواقع إقامتهم، ومساعدة كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، عبر استخدام الخرائط المكانية والتطبيقات الذكية..
الهيئة السعودية (سدايا) للبيانات والذكاء الاصطناعي
تشرف سدايا على مركز عمليات مكة الذكية «SMART MOC» بمدينة مكة المكرمة، أحد أهم الركائز التشغيلية التقنية المتقدمة التي تعزز من قدرات منظومة الحج من الجهات الحكومية العاملة في خدمة ضيوف الرحمن، ويهدف المركز الواقع في مقر «سدايا» بمدينة مكة المكرمة إلى إدارة ومراقبة الأنظمة والمنصات المتقدمة، وذلك لرفع مستوى الخدمات الرقمية المقدمة لحجاج بيت الله الحرام، ويسهم المركز في تعزيز إدارة الحشود والقدرات الأمنية في المشاعر المقدسة من خلال منظومة متكاملة تشمل منصة «بصير» بالتعاون مع وزارة الداخلية، التي تُعالج البيانات بشكل لحظي باستخدام تقنيات وخوارزميات متقدمة لرصد أعداد الحشود وتوزيعها بدقة وكفاءة داخل بيئة الحرمين الشريفين.
وفي إطار التكامل التقني بين وزارة الداخلية والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا»، تأتي منصتا «سواهر» و»سواهر قيادة» لتوفرا تحليلات ذكية لبث كاميرات المراقبة الأمنية في المشاعر والمنافذ المؤدية إليها، مما يُمكّن من المتابعة اللحظية للحالة الميدانية وتحليل البيانات الضخمة لدعم اتخاذ القرار وتعزيز الكفاءة الأمنية.
شركة المياه الوطنية أعلنت بتوزيع أكثر من (45) مليون متر مكعب من المياه لضيوف الرحمن في مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة خلال موسم الحج.
واوضحت أن معدل ضخ المياه الذي جرى توزيعه خلال موسم الحج ابتداء من 1 ذي القعدة 1446هـ، يصل إلى 24 ساعة في منطقة الحرم المكي والمشاعر المقدسة، مشيرة إلى أن كميات المياه التي تمت معالجتها تجاوزت 33.4 مليون متر مكعب، إضافة إلى إجراء أكثر من 100 ألف فحص مخبري في حج هذا العام.
بشرى زمزم
في إطار خطوة تقنية حديثة نوعية تعزز من جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، أطلقت شركة الزمازمة في يوليو 2022 جهاز الخدمة الذاتية «بشرى زمزم»، بهدف توفير ماء زمزم المبارك في مساكن الحجاج بمكة المكرمة بشكل يومي ومجاني، ودون تدخل بشري. وجرى تدشين جهاز «بشرى زمزم» في 10 مواقع سكنية للحجاج، ويمكّن الجهاز المستفيدين من الحصول على 3 عبوات يوميًا من ماء زمزم باستخدام بطاقة الحج الذكية عبر مسح «باركود» مخصص، ويتيح الجهاز خدمة متعددة اللغات عبر شاشة عرض رقمية، ويُحفظ الماء في الجهاز بدرجة برودة معتدلة، مما يحافظ على جودة ماء زمزم طوال اليوم.
وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد
كثفت جهودها في خدمة ضيوف الرحمن عبر المناشط التوعوية والمحاضرات والندوات في المساجد والحملات لتعزيز مفاهيم الشريعة في الحج، وبثت أكثر من (34) مليون رسالة تضمنت مفاهيم شرعية مبسطة بسبع لغات، أسهمت في تيسير أداء المناسك ونشر الوعي بين جموع الحجيج، إلى جانب نشر (20) كبينة توعوية متفرقة في المشاعر، وفعّلت خدمة الاتصال المرئي المباشر مع الدعاة لتوسيع دائرة الإفتاء الشرعي، إضافة إلى تفعيل (350) شاشة إلكترونية في المشاعر المقدسة، بثّت عبرها أكثر من (1.5) مليون رسالة توعوية وإرشادية بلغات متعددة.
ووظفت الوزارة مترجمين متخصصين للتوعية الدينية ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة، بعدد من اللغات العالمية، يتم توفيرها حسب الحاجة، بما يلبي احتياجات ضيوف الرحمن القادمين من أكثر من (100) دولة.
رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي
ترجمة خطبة يوم عرفة لهذا العام إلى (35) لغة عالمية، ضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين لترجمة خطبة عرفة، بهدف إيصال مضامينها إلى المسلمين حول العالم بلغاتهم الأم، وبثت الخطبة عبر منصة «منارة الحرمين»، وصفحة الهيئة على موقع يوتيوب، إضافة إلى إتاحتها عبر تطبيق «توكلنا»، وموقع رئاسة الشؤون الدينية وصفحتها على يوتيوب، مما مكّن المسلمين من متابعتها بسهولة ويسر من أي مكان في العالم، وشارك في تنفيذ تلك الجهود (86) موظفًا، تولوا مهام الترجمة الفورية والإرشاد والتوجيه، وخُصصت فرق إضافية لتوزيع البطاقات التعريفية في المسجد الحرام ومسجد نمرة، بهدف نشر مضامين خطبة عرفة وتيسير الوصول إليها.
الأزمة الإيرانية الإسرائيلية
وفي اطار الأحداث التي تمر بها الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتطورات العسكرية مع إسرائيل، وما نتج عن هذه الأزمة تم إغلاق مجالاتها الجوية على خلفية الحرب، وجَّه مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وزارة الحج والعمرة بتسهيل جميع احتياجات «الحجاج الإيرانيين»، وتوفير كل الخدمات لهم، حتى تتهيأ الظروف لعودتهم إلى وطنهم وأهاليهم سالمين، وأنشأت الوزارة غرفة عمليات خاصة لمتابعة أوضاع الحجاج الإيرانيين البالغ عددهم نحو 76 ألف حاج، على مدار الساعة، وتلبية احتياجاتهم كافة، في كلٍّ من مكة المكرمة، والمدينة المنورة، بما يضمن استمرارية تقديم الخدمة والرعاية بجودة عالية لهم طوال فترة وجودهم في المملكة، حتى موعد مغادرتهم.
ومع نهاية كل موسم، تُعيد بلادي التأكيد على أن خدمة الحرمين الشريفين شرف لا يُضاهى، وأنها - بإرادة القيادة وهمّة أبنائها - قادرة على جعل الحج رحلة إيمانية خالدة، عنوانها السلام، والطمأنينة لأداء الحج، والنجاح المتجدد منقطع النظير. فبات يفخر بها كل مواطن سعودي، وما قدم من تسهيلات، وخدمات لافتة ومميزة، وسط إعجاب واستحسان الجمهور ووسائل الإعلام الإقليمية والدولية، وتظل «خدمة الحجاج يتوارثها الأبناء عن الآباء» شعارًا يحمله المواطن السعودي شرفًا ومسؤولية وفخراً.
ختاماً.. جسدت أعظم صور التنظيم والانسجام بين أجهزة الدولة المشاركة في مشهدٍ يعكس تفعيل أهداف رؤية المملكة 2030، لتنفيذ أكبر خطة خدمية شاملة في تاريخ الحج، التي لفتت نظر المراقبين نجاح موسم الحج في بلادي كل عام وبشكل خاص حج هذا العام النجاح الباهر والاستثنائي الذي حققته، وذلك يؤكد للعالم بأن بلادي رائدة في خدمة الإسلام والمسلمين، وتقديم كل ما يضمن راحة ضيوف الرحمن، في رحلة إيمانية تملؤها الطمأنينة، وبيئة تحفها الرحمة، وتُدار بكفاءة ومهنية من قبل القيادة الرشيدة، مما انعكس على إبراز الصورة المشرفة لبلادي في خدمة الحجيج.