د.شريف بن محمد الأتربي
تعد وزارة التعليم واحدةً من أهم الوزارات في المملكة العربية، حيث يتعامل معها الآلاف من المستفيدين يومياً، فهي تخدم القطاع الأكبر من المواطنين والمقيمين، ربما تتجاوز نسبتهم 40 % من أجمالي المجتمع. ولطبيعة عملها المؤثِّر في أكثر من نقطة تحول في رحلة الدراسة أو العمل للطلبة سواء مع بداية الرحلة في التعليم الأساسي أو مع ختامها من خلال الالتحاق بالجامعات أو المعاهد العليا ومن ثم الانتقال لسوق العمل؛ من أجل ذلك سارعت الوزارة إلى التحول الرقمي في كافة خدماتها الخارجية وفي أعمالها الداخلية، وحققت نجاحات كبيرة كان لها تأثير واضح على تحسّن تصنيف المملكة في القطاع التقني، رافقها في تلك الرحلة شركة تطوير التعليم القابضة وكافة الشركات التابعة لها وخاصة شركة تطوير لتقنيات التعليم (تيتكو) في مجال التحول الرقمي وأتمتة العمليات.
انطلقت رحلة «تيتكو» في ميدان تقنيات التعليم منذ العام 2016 حين سُجلت الشركة رسميًّا للعمل على مساندة القطاعين العام والخاص في العملية التعليمية وتحسين الأداء في مجال تقنية المعلومات، وتوفير حلول وخدمات ذات جودة عالية، إضافة إلى تطوير الخدمات التقنية والاتصالات في مجال التعليم بالمملكة العربية السعودية، لرفع مستوى التعليم حتى يواكب النمو المستقبلي على الصعيدين المحلي والدولي.
وضعت «تيتكو» نصب عينيها تحقيق عدد من الأهداف لتعزيز جودة التعليم في المملكة؛ فهي الشريك المبادر في إدارة الاحتياج الرقمي لوزارة التعليم، وهي اللاعب الأساسي في إحداث التغيير النوعي لأنظمة تقنيات التعليم إقليميًّا، وبناء وترسيخ قدرات وخبرات تقنيات التعليم، وصنع بيئة عمل جاذبة، إلى جانب تحقيق النمو والاستدامة المالية، والذي يعد واحداً من أهم أهدافها.
من أجل تحقيق هذه الأهداف سارعت «تيتكو» إلى عقد العديد من الشراكات مع شركات وهيئات حكومية وخاصة وعالمية بلغت أكثر من «70» شريكاً في أكثر من «50» مشروعاً، و«11» خدمة، و«25» منتجاً، خلال فترة زمنية لم تتجاوز 10 سنوات، متفوقة في ذلك على كثير من الشركات صاحبة العراقة في ميدان تقنيات التعليم.
تقدم «تيتكو» مجموعة من خدمات التقنيات المميزة من أبرزها، بناء وتهيئة مراكز لمتابعة ومراقبة الشبكات والتطبيقات والدعم الفني وإصلاح الأعطال عن بعد، خدمات الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence)، مثل روبوتات الدردشة (Chatbots) وأدوات الواقع المعزّز (Augmented Reality) وحلول الواقع الافتراضي (Virtual Reality).، تطبيق حلول إنترنت الأشياء (The Internet of Things) مثل الحد من استهلاك الكهرباء وتوفير أنظمة التتبع والخرائط، إلى جانب المساعدة في تطوير البُنى التحتية الرقمية وإعادة هندسة الإجراءات لرفع كفاءة العمل، بالاستفادة من أفضل الممارسات التقنية والإدارية الحديثة، وإثراء البيئة التعليمية والتدريبية بأساليب تتوافق مع كافة أنماط المتعلّمين وفقًا لمؤشرات عالمية حول جودة التعليم.
خلال رحلة قاربت الـ10 سنوات من التعاون بين وزارة التعليم وشركات تطوير القابضة وخاصة تيتكو؛ استطاع الفريقين إحداث نقلة نوعية في الخدمات التي تقدمها الوزارة للمجتمع كله، ولعل آخر هذه المشاريع: منصة القبول الموحّد، التي جاءت بعد طول مخاض لتوفر حلاً نهائياً لمشكلة القبول الجامعي في المملكة.
«منصة قبول»، تعد خطوة إستراتيجية جديدة لتعزيز التحوّل الرقمي في المملكة وخاصة في الميدان التعليمي. لقد عانى أبناؤنا الطلاب على مدار عقود طويلة من مشكلة القبول الجامعي لتأتي «قبول» لتوحّد إجراءات القبول في الجامعات والمؤسسات التعليمية، مما يضمن تكافؤ الفرص بين الطلاب والطالبات في جميع مناطق المملكة. تعمل «قبول» على إتاحة الفرصة لكافة طلاب المملكة للتقديم على الجامعات الحكومية والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني. كما تشمل متابعة طلبات الابتعاث الخارجي الخاصة ببرنامج خادم الحرمين الشريفين «مسار إمداد» للبكالوريوس، وتُعتبر المنصة المرجع الوطني الأول للمعلومات والخدمات المتعلقة بالقبول الإلكتروني، حيث تُسهل عمليات التقديم والقبول بشكل كبير.
تغطي «قبول» 28 جهة تعليمية حكومية، تشمل 26 جامعة، بالإضافة إلى المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي. هذا التنوع يضمن أن جميع الطلاب لديهم الفرصة للوصول إلى الخيارات التعليمية المتاحة لهم.
تعد «قبول» نموذجاً للتعاون بين الجهات الحكومية في المملكة ضمن رؤية المملكة 2030 في التحول الرقمي، وذلك لضمان جودة البيانات واسترجاعها من مصادرها الرسمية. هذا التكامل يعزِّز من موثوقية النظام، ويساهم في سهولة الاستخدام ودقة الإجراءات. كما تُعتبر المنصة أداة داعمة لصنَّاع القرار ومنسوبي الجامعات، حيث توفر بيانات لحظية وتقارير تحليلية تساهم في تطوير منظومة القبول.
المنصة الوطنية للقبول الموحّد تُمثّل نقلةً نوعيةً في نظام التعليم العالي في المملكة العربية السعودية. من خلال توفير بيئة رقمية متكاملة وشفافة، تساهم المنصة في إنهاء كابوس القبول الجامعي، وتضمن للطلاب تجربة سلسة وميسَّرة في اختيار مساراتهم التعليمية. إن اعتماد مثل هذه المبادرات يعكس التزام المملكة برفع مستوى التعليم وتوفير الفرص المتكافئة لجميع الطلاب، كما أنها تمثِّل نموذجاً لتحقيق الأحلام خاصة عندما تكون جميع القيادات داعمة لتحقيقها، فقد كانت توجيهات معالي وزير التعليم الأستاذ يوسف البنيان لمساعده للتطوير والتحول المهندس مرهف المدني بتذليل كافة العقبات أمام هذه المنصة الوطنية ليبدأ الطلاب في استخدامها للالتحاق بالعام الجامعي القادم 2025 - 2026 ، وبدورها شركات تطوير بقيادة المبدع المهندس متعب الشهراني، الرئيس التنفيذي لشركة تطوير التعليم القابضة، وتطوير لتقنيات التعليم «تيتكو» بقيادة صاحب اللمسات السحرية في فنون القيادة م. فهد بن مشعان الصليع الرئيس التنفيذي؛ قامت بدور بطولي في تنفيذ هذا الحلم في ملحمة استمرت شهور متواصلة لتظهر «قبول» بالشكل الذي يتطلع إليه قادة وأبناء هذا البلد الكريم - حفظهم الله.