متابعة - علي بن سعد القحطاني:
توفي الأستاذ عبدالرحمن بن صالح بن محمد الشثري «أبو هشام»، المدير العام السابق للعلاقات العامة والإعلام بوزارة الحرس الوطني، وأول رئيس تحرير لمجلة الحرس الوطني.
وقد أدّى دورًا بارزًا في تأسيس المجلة وتطوير محتواها الإعلامي والثقافي، ويُعد من الكفاءات الإعلامية التي أسهمت في رسم ملامح العمل الإعلامي في الوزارة خلال سنوات خدمته.
وأُديت الصلاة على الفقيد بعد صلاة العصر يوم السبت 17 محرم 1447هـ (12 يوليو 2025م) في جامع الملك خالد بمدينة الرياض.
نبض الرحيل
نشر الأديب والإعلامي حمد القاضي تغريدة مؤثرة في رثاء الشيخ عبدالرحمن بن صالح الشثري -رحمه الله-، على منصة «X» استعاد فيها صفاته الإنسانية وسيرته الحافلة بالخير والعطاء، مؤكدًا أنه كان «إنسانًا عاش للخير، وصنع الجميل، وسعى في علاج المرضى المحتاجين»، مشيرًا إلى مجلسه المفتوح الذي كان مقصدًا للمحبين وذوي الحاجات.
ووصف الأستاذ حمد القاضي الراحل بأنه «نموذج للصبر» بعد أن لازم السرير لسنوات طويلة، داعيًا الله أن يجزيه بثواب الصابرين.
واختتم القاضي تغريدته بأبيات رثائية معبرة، استعارها من الشاعر أحمد التويجري، جاء فيها:
تركتنا يا نقيَّ القلب داميةٌ
قلوبُنا من جراحٍ ليس تندملُ
أما ترفّقتَ كي تُشفى لواعِجُنا
وترتوي من سنا إشراقكَ المُقَلُ
وكنتَ فينا نقاءَ الرّوحِ مؤتلقًا
وطيبةَ القلب لا حقدٌ ولا دَغَلُ
وقال القاضي إن هذه الأبيات «تجسد ألمنا وألم كل محبيه برحيل حبيبنا، كما جسّدت مشاعر مبدعها في رثاء أحد أصفيائه».
بدايات مُلهمة
أشار الإعلامي والكاتب محمد التونسي إلى جانب من تجربته المهنية المبكرة مع الشيخ عبدالرحمن بن صالح الشثري (أبو هشام)، المدير العام السابق للعلاقات العامة والإعلام بوزارة الحرس الوطني، وأول رئيس تحرير لمجلة الحرس الوطني.
وأوضح التونسي في تغريدة نشرها على حسابه في منصة «X» أن الشثري كان من أوائل الداعمين له في بداية مشواره الصحفي، مشيرًا إلى دوره في ترتيب حوار صحفي جمعه مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- في مدينة الطائف.
كما أورد واحدة من المعلومات المتكررة التي كان يسمعها من الشثري، وهي:
«إذا أردت النجاح، توخَّ الدقة واحرص على استقاء المعلومة من مصادرها الموثوقة».
وتُظهر التغريدة أثر العلاقة المهنية التي جمعت الطرفين، والدور التوجيهي الذي أدّاه الشثري في دعم الصحفيين الشباب آنذاك.
ريادة متكاملة
ووثّق الإعلامي جابر القرني مقدّم برنامج «صنوان» على قناة السعودية
في تغريدة عبر منصة «X» ملامح من سيرة الأستاذ عبدالرحمن بن صالح الشثري (أبو هشام)، مدير العلاقات العامة السابق في وزارة الحرس الوطني، وأول رئيس تحرير لمجلة الحرس الوطني، مشيدًا بدوره الريادي في العمل الإعلامي والعلاقات العامة في المملكة.
ووصف القرني الراحل بأنه «شخصية استثنائية وقيادية مؤثرة»، وكان له دور محوري في تأسيس الهوية الإعلامية للحرس الوطني من خلال شبكة علاقاته الواسعة، وإدارته المهنية، ورؤيته التي أسهمت في بناء حضور إعلامي متميز وأشار إلى بصماته الواضحة في بدايات مهرجان الجنادرية، وإسهاماته في إطلاقه كمنبر ثقافي وتراثي، إلى جانب مشاركاته الواسعة في مجالات البر والإحسان، خاصة في دعم مرضى الفشل الكلوي، من خلال مشروعات خيرية نوعية تركت أثرًا مستدامًا.
مثقف عصامي
وفي تغريدة نشرها على منصة «X» استعرض الكاتب والإعلامي علي بن مهدي سيرة الأستاذ عبدالرحمن بن صالح الشثري (أبو هشام)، الذي توفي عن عمر ناهز 81 عامًا، واصفًا إياه بأنه من جيل المثقفين العصاميين الذين حملوا شعلة الثقافة في المملكة.
وتولى الشثري إدارة العلاقات العامة والإعلام في رئاسة الحرس الوطني، قبل أن تتحول إلى وزارة، ومن خلالها انطلقت مجلة الحرس الوطني كرافد ثقافي وإعلامي، وكان أول رئيس لتحريرها. كما شارك في تأسيس مهرجان الجنادرية، الذي احتضنه الحرس الوطني لعقود طويلة، ليصبح منبرًا وطنيًا رائدًا للتراث والثقافة.
تميّز الراحل بدماثة الخلق، وطيب الحديث، ومبادراته الإنسانية، خاصة في دعم مرضى الكلى.
نُبل مبكر
واستعاد رجل الأعمال خالد الشثري في تغريدة له عبر منصة «X» سيرة عمه الأستاذ عبدالرحمن بن صالح الشثري (أبو هشام)، واصفًا إياه بـ«اليتيم الذي صنع مجده»، مشيرًا إلى أنه فقد والديه في سن مبكرة وتربى في بيوت أعمامه، قبل أن يشق طريقه في التعليم والعمل العام حتى أصبح مديرًا للعلاقات العامة في الحرس الوطني، ومؤسسًا لمجلة الحرس الوطني.
وتضمنت التغريدة إشادة بدوره البارز في استقطاب أبرز الشخصيات الفكرية والثقافية في العالم العربي إلى مهرجان الجنادرية، إلى جانب إسهاماته في تأسيس أكثر من أربعين مركزًا لغسيل الكلى بالتعاون مع متبرعين
إسهاماته في العمل الخيري
وأشاد الدكتور عبدالواحد الحميد بسيرة الأستاذ عبدالرحمن بن صالح الشثري (أبو هشام)، موضحًا دوره في الساحة الإعلامية، حيث كان من المساهمين الفاعلين في الحراك الصحفي على مدى سنوات، إلى جانب إسهاماته في العمل الخيري والنشاط التطوعي في عدد من مناطق المملكة.
وبيّن أن الشثري حظي بمحبة وتقدير واسعين، لما عُرف به من كرم وبشاشة وخلق كريم، وكان مجلسه ملتقىً للأدباء والإعلاميين ووجهاء المجتمع من مختلف الفئات. كما واصل تواصله مع معارفه وحرص على السؤال عنهم والاطمئنان على أحوالهم.
سيرة جامعة
ونوّه الأستاذ علي الشدي بمبادرات الراحل في المجال الثقافي والخيري، مشيرًا إلى حضوره في الوسطين الصحفي والإنساني، وتميّزه بعلاقات واسعة ومجلس مفتوح يستقبل فيه الجميع بترحيب وابتسامة، حتى خلال فترات مرضه الأخيرة.
كما تناول الشدي في تغريدته عبر منصة «X» أثر رحيله في نفوس محبيه، مؤكدًا أن الشثري جمع بين العمل الرسمي وخدمة المجتمع، وامتدت إسهاماته إلى مجالات العمل الخيري، حيث أسهم في عدد من المبادرات دون رغبة في إعلانها أو نسبها لنفسه.
السيرة الشاملة
وفي مقالة شاملة نشرها المؤرخ الاجتماعي والثقافي محمد القشعمي تحت عنوان «رئيس تحرير أول مجلة عسكرية ثقافية سعودية»، استعرض فيها سيرة الإعلامي الراحل عبدالرحمن بن صالح بن محمد الشثري (أبو هشام)، موثقًا أبرز محطات حياته المهنية والإنسانية، من نشأته يتيمًا إلى مساهماته في تأسيس الإعلام المؤسسي والعمل الخيري في المملكة.
وُلد الشثري عام 1363هـ (1944م) في حوطة بني تميم، وفقد والده في سن مبكرة، ثم والدته في حادث سير وهو في الثامنة عشرة، كما توفي جميع إخوته قبله. تربى في كنف أخواله وأعمامه، وتلقى تعليمه الابتدائي في بلدته، ثم التحق بـمعهد الرياض العلمي حيث نال الشهادة الثانوية.
البداية في الصحافة
وبحسب مقالة القشعمي، أن علاقة الشثري بدأت بالصحافة عام 1384هـ (1964م) حين عمل مراسلًا لـجريدة الجزيرة الأسبوعية، وشارك في عددها الأول بتقرير موسّع عن انتخابات المجلس البلدي بالرياض، أظهر من خلاله وعيًا صحفيًا مبكرًا ودقة في التغطية الميدانية. وفي العام التالي، انتقل إلى جريدة الرياض، حيث برز اسمه في التغطيات والتحقيقات التي تناولت الشأن المحلي.
تأسيس مجلة الحرس الوطني
كما يشير الأستاذ محمد القشعمي إلى أن الشثري التحق لاحقًا بـرئاسة الحرس الوطني، حيث بدأ سكرتيرًا للعلاقات العامة، ثم مديرًا عامًا، قبل أن يُكلَّف في منتصف عام 1400هـ (1980م) بتأسيس مجلة الحرس الوطني، ليكون أول رئيس تحرير لها، بتوجيه من الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-.
وعلى مدى أربعة عشر عامًا (1400-1414هـ)، قاد المجلة من إصدارها الفصلي إلى إصدار شهري، مطورًا مضمونها لتجمع بين الشؤون العسكرية والموضوعات الثقافية والفكرية. وقد حظيت بإشادة عدد من المثقفين، من بينهم الشيخ حمد الجاسر والدكتور غازي القصيبي، الذي دعا لاحقًا إلى توسيع القسم الثقافي فيها بعد أن لمس أثره واتساع جمهوره.
تجربة المرض والعمل الخيري
ويوضح القشعمي أن إصابة الشثري بـالفشل الكلوي عام 1417هـ/1998م كانت نقطة تحول مهمة في حياته. خضع لعملية زراعة كلية، ثم أطلق مبادرة لتأسيس جمعية خيرية لمرضى الفشل الكلوي، حازت موافقة أمير منطقة الرياض آنذاك الملك سلمان بن عبدالعزيز، ودعم الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير.
أسس أكثر من ثلاثين مركزًا لغسيل الكلى في أنحاء المملكة، وظل يتابع احتياجات المرضى بنفسه، دون إعلان عن دوره أو نسب الإنجازات إليه.
الحضور الاجتماعي والذاكرة الحية
كما يشير القشعمي إلى أن الشثري كان يحتفظ بـمجلس يومي مفتوح بعد صلاة المغرب لأكثر من عشرين عامًا، يستقبل فيه المثقفين والأصدقاء والأقارب، وكان يرفض توثيق سيرته في برنامج التاريخ الشفوي بمكتبة الملك فهد الوطنية تواضعًا، مفضّلًا أن تبقى ذكراه حيّة في نفوس من عرفوه.