د.نايف الحمد
انتهى موسم الهلال على مشهد دراماتيكي مثير، لم يكن أحدٌ يتوقعه أو يتصور حدوث ذلك الجمال والإبهار؛ فقد عاد الزعيم العالمي من الباب الكبير في تظاهرة عالمية كبرى، بعد موسم مضطرب، تقاذفته الأمواج من كل اتجاه، وعاش حالة من المد والجزر، بعد بداية ناجحة خطف فيها بطولة السوبر، حيث تجاوز الأهلي، وأتبعه بالنصر برباعية عريضة في النهائي، قبل أن يتحول المشهد إلى حالة لم يعتد عليها الهلال منذ سنوات!
من بين الرماد، نهض المارد الأزرق كحلمٍ عابر في ليلة شتاء؛ كلمحة برقٍ سرق شعاعها أبصار المتابعين، أو كغيمة دفعتها رياح الشرق فأمطرت حتى بللت الأرض، وارتوت منها الأشجار، وأنبتت زهرة شم رحيقها كل سكان الأرض.
في بطولة كأس العالم للأندية، قدّم الهلال وجهه الحقيقي، وخطف الأضواء في المناسبة العالمية، وكأني به يقدّم اعتذارًا لعشّاقه عن موسمٍ محبط، فهل قبل العشاق هذا الاعتذار؟
رغم أن الجماهير تسمع وترى ما واجه الفريق من تحدياتٍ خارجة عن قدرة مسيّري النادي، إلا أنها اعتادت على مثل هذه الأجواء؛ لذا فإن نقدها لإدارة النادي لم يتوقف حتى بداية كأس العالم. فالنادي لطالما عانى من الضغوط الخارجية عبر مسيرته التاريخية، غير أن إداراته المتعاقبة استطاعت تجاوزها بفضل العمل المؤسسي المتراكم، ودعم رجالات الهلال، وبيئة النادي، وإرثه الكبير.
لقد واجه الأستاذ فهد بن نافل نقدًا لاذعًا، وهجومًا جماهيريًا كبيرًا، ومطالبة بالاستقالة نتيجةً لأخطاء وقرارات وقناعات أضرّت بالفريق، وأفقدته البطولات الكبرى في هذا الموسم.
وأرى أن هذه المطالبة أمرٌ طبيعي في نادٍ كالهلال، لا يتقبّل جمهوره مثل هذا الإخفاق. لكن السؤال العريض الآن، وبعد ما حدث للهلال في مشاركته العالمية، وما تلاها من تحركات، هل ثمة تغيير في قناعة الهلاليين بشأن تجديد الثقة برئيس الهلال؟ وهل ما زال لدى الإدارة ما تقدّمه للنادي؟
الجميع يقدّر النجاحات الكبيرة التي حققها الأستاذ فهد بن نافل، خلال سنواتٍ قاد فيها الهلال إلى أعظم حقبة في تاريخ النادي، بل وتاريخ الأندية السعودية، سواءً من حيث البطولات المحلية والقارية، أو حتى العالمية، بصعوده منصة التتويج العالمية، والحصول على وصافة كأس العالم، أو تسجيل نتائج تاريخية أمام فرق عالمية في البطولة الأخيرة، بالتعادل مع ريال مدريد، وهزيمة مانشستر سيتي برباعية، في أفضل نتائج تحققها أندية عربية أو آسيوية في تاريخ البطولة.
دون أدنى شك، أن لجماهير الهلال مطالب واضحة، وإذا ما سعت إدارة الأستاذ فهد بن نافل لتحقيقها، فستكون سعيدة بمواصلة رئيسها الذهبي قيادة النادي الأزرق؛ لا سيما أنه يحظى بثقة الداعم الأول، سمو الأمير الوليد بن طلال، الذي يسعى لاستقرار العمل الإداري في النادي قبل الوصول إلى مرحلة الخصخصة، ورغبته المعلنة في امتلاك النادي العاصمي الكبير.
نقطة آخر السطر
كل المؤشرات توحي بأن العمل في النادي يسير بشكل جيد، والجميع ينتظر من إدارة الأستاذ فهد بن نافل استقطابات تضاهي ما أنجزه في صفقتي المدرب إنزاغي، واللاعب الفرنسي ثيو. كما أن الانتدابات المحلية تمثل هاجسًا كبيرًا، أتمنى ألّا تغفلها الإدارة. وثمة أمر غاية في الأهمية، ألا وهو عودة الانضباط داخل الفريق؛ فما حدث من انفلاتٍ لبعض اللاعبين في الموسم الماضي أمر لا يمكن قبول تكراره.