أ.د.عثمان بن صالح العامر
يتسابق مشاهير التواصل الاجتماعي هذه الأيام في الترويج السياحي لبلاد شتى في الكرة الأرضية (أوروبية وأمريكية وآسيوية)، وتدفع تكاليف رحلاتهم هذه، إما شركات سياحية، أو رجال أعمال عرب وأجانب لهم مصالح هنا أو هناك، أو حتى هيئات السياحة في هذه الدول، وربما كانت رحلاتهم هذه على حسابهم الخاص، سيان.. المهم أن المتابع الذي يثق بهذا المشهور في العالم الافتراضي، ويصدق كل ما يقول، وتعجبه الخضرة والماء الذي وقف عليه صاحب هذا الحساب أو ذاك، وبالغ في كيل المديح والثناء، أو الفندق الذي صور جنباته، أو البحر الذي ركبه، أو السوق الذي مشى فيه، أو المطعم الذي أكل منه أشهى طبق، أو السيارة التي استأجر أو.... يسارع هو أو هي في البحث عن حجز لهذه الدولة المروج لها. ومع يقيني -إن أحسنا الظن- بصحة ما شاهده هذا المشهور بنفسه من صور ومشاهد خلاَّبة عبر جواله الشخصي، وكذا ما قيل عن المكان الذي عقد هذا المغرر به العزم السفر له جراء الدعاية من قبل من يثق بما يقول ويصور، إلا أن المشهد السياحي لم يكتمل بعد، فالمروج سياحياً ركز على ما يدعو للسفر إلى هذه الدولة، ولكنه أغفل عن عمد التعرض لجوانب كثيرة ذات صلة مباشرة بالسياحة العائلية خاصة، كالأكل حلاله وحرامه، والسكن وملاءمته للأسرة السعودية، والأمن، والتنقّل، ولغة التفاهم، والطقس، وتعدد الأماكن التي يمكن أن تقضي العائلة أيام رحلتها متنقّلة بينها سواء مناطق طبيعية، أو متاحف تراثية، أو منتجعات عائلية، أو أسواق تجارية، فالسياحة منظومة متكاملة ومتناغمة لا يمكن أن يطغى جانب منها على الآخر.
إن هناك شريحة في المجتمع يتابعون هؤلاء المشاهير ويتأثرون بهم نظراً لما يتملكون من قدرة على الإقناع ومن باب الإعجاب بهم، وعلى حسهم وبناءً على اقتناعهم بصدقهم المطلق تحزم الحقائب، وتشترى التذاكر، ويحجز السكن، نعم تدفع الأموال الباهظة، وتلغى جميع الخيارات الواردة في الذهن من قبل رب الأسرة السعودية بناءً على ما أفاض به هذا المشهور من مديح وثناء، وقد تكون الصورة التي نقلها ليست مطابقة للواقع بنسب مختلفة، وفي هذه الحال يضرب الأب كفاً على كف ويتحسَّر على تضييع ماله ووقته وجهده في سياحة فاشلة. ولذا يتوجب على من أراد أن ينبري لمثل هذا الترويج السياحي أن يتقي الله أولاً في متابعيه، وألا يبيع ذمته للغير، وأن يكون على اطلاع تام ومعرفة موسعة عن ما هو مقدم عليه من عمل تسويقي، سواء بالقراءة المركزة، أو المشاهدة الفعلية قبل التسويق، أو زيارة السفارة السعودية، واستشارة موظفيها الذين يمثِّلوننا في هذا البلد أو ذاك ولهم إقامة طويلة فيه ويعرفون ما قد يخفى على هذا الزائر الذي جاء ليؤدي رسالة ذات بعد معرفي وإعلامي مفصلي، ولا أعتقد أنهم سيبخلون عليه في شيء من المعلومات التي ستساعده في إيصال رسالته على الوجه الصحيح المتكامل دون اجتزاء أو إخلال أو تفريط، دمتم بخير، وإلى لقاء، والسلام.