د. سطام بن عبدالله آل سعد
في الوقت الذي تسعى فيه المملكة لترسيخ حضورها الرياضي عالميًا، عبر الاستثمار في الأندية واستضافة كبرى الفعاليات، تبرز مفارقة لافتة: الهلال، أكبر نادٍ سعودي وآسيوي، يلوّح بالاعتذار عن بطولة السوبر، نتيجة ضيق الوقت بين مشاركته في كأس العالم للأندية في أمريكا والمباراة المقررة في هونغ كونغ. هذا القرار لا يعبّر فقط عن غياب فريق، بل يكشف خللاً أعمق في آليات التنسيق والتخطيط الرياضي.
أصبح الهلال يمثل ركيزة وطنية ضمن الرؤية السعودية في توظيف الرياضة كقوة ناعمة. حضوره أو غيابه يؤثر على القيمة التسويقية للبطولات، ويعكس درجة نضج المنظومة الرياضية. من هنا، فإن أي قرار يتصل به، لا يُقرأ في إطاره الفني فحسب، وإنما في بعده المؤسسي والاستراتيجي.
وهنا يبرز التساؤل: هل يُعقل أن يُطلب من فريق عاد للتوّ من مهمة وطنية مرهقة على الساحة العالمية، أن ينتقل من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق خلال أيام معدودة؟ وأين احترام مبدأ «الجدولة الاحترافية» الذي يُفترض أن يكون أساس العمل الرياضي الحديث؟.
نحن أمام معادلة دقيقة: إما المجازفة بجهوزية الفريق من أجل بطولة، أو الالتزام بمبدأ إدارة الحمل الموسمي وتوزيع الجهد للحفاظ على الاستدامة البدنية والفنية، كما تفعل كبرى الأندية العالمية، التي تنظر إلى هذا المفهوم كضرورة لضمان استمرارية الإنجاز وتقليل معدلات الإصابات.
ما يدعو للقلق في قرار الهلال هو غياب أي رد فعل مؤسسي تجاهه. لماذا لم يُفتح نقاش شفاف من الاتحاد السعودي لكرة القدم لتحليل جذور الأسباب؟ تجاهل هذه الإشارات قد يقود إلى تكرارها مع أندية أخرى، في ظل روزنامة لا تعترف بمتطلبات الفرق ذات التمثيل الخارجي.
الهلال لم يُقصِ نفسه، بل بلغ حد الإنهاك. وهذا إنذار يستدعي مراجعة شاملة لترتيب الأولويات، والنظر للأندية ذات البعد الدولي كمؤسسات وطنية يُبنى الموسم حولها، لا كفرق محلية تُفرض عليها جداول ضيقة.
السوبر خسر قبل أن يبدأ، وما حدث يجب أن يُقرأ كفرصة لإصلاح أعمق، لا كحادثة عابرة.