الهادي التليلي
المدرسة السعودية في مجال التعاطي الدبلوماسي مع الأحداث والشؤون السياسية وغيرها تعد نموذجا فريدا يحتذى به، والمشهد الجيوسياسي الحالي أثبت هذه الجدوى التي تستثمر في السلام وتؤسس لعالم بلا حروب دون أبواق دعاية أو تبجح إعلامي إنها فلسفة العمل بصمت وهو ما جعل شأن المملكة بين الأمم قمة من بين القمم التي تتوكأ عليها البشرية في شدائدها والبشرية في الحرب والسلم نعم إنها مدرسة بأتم معنى الكلمة.
المملكة وفي سياق حكمتها المألوفة تفضل العمل بصمت ناطق وهنا إنجازاتها في القارة الإفريقية وخلال جائحة كورونا وفي مواقفها في الحروب نجد الإسهام الرئيس في إخماد حرب كانت ستحمل البشرية نحو حرب عالمية ثالثة وهنا نتحدث عن الخلاف الباكستاني الهندي الذي لولا الحراك الدبلوماسي ما كان له أن يكون وكان حيث استغلت المملكة ثقلها واحترام كلا الطرفين لقيادات المملكة وأولياء أمورها وتحرك الدبلوماسية الرسمية بين البلدين فيتناغم بعد درس تاريخي في دبلوماسية الحروب وبعد هذا النصر الدبلوماسي لم تخرج المملكة وتعلن أنها هي من أنقذ البشرية من حرب كانت ستكون حتمية، بل تركت ذلك لغيرها وقبل هذا كان لها دور كبير في تهدئة الأوضاع في الجبهة الروسية – الأوكرانية، نعم كانت الدبلوماسية السعودية في حراك لتقريب وجهات النظر وتخفيف حدة النزاع بين جميع الأطراف.
وفي الحرب الإيرانية - الإسرائيلية وبالرغم من أن المملكة تضررت سنين طويلة من السياسة الخارجية لإيران وأذرعها فإنها توفرت على تسامح يعكس عظمة قيادتها وحكمتها وبعد نظرها، تسامح المملكة هو تسامح الكبار حيث الجميع كان ينتظر انخراطها في المعركة أخذت مسافتها الأكاديمية وتصرفت وفق القوانين واللوائح والأنظمة الدولية حيث بادرت بشجب العدوان على إيران ودعت جميع الأطراف للجلوس على طاولات الحوار وتغليب العقل على مصالح لا إنسانية ولم تفرح بالحرب وإنما احتفلت بالسلام من خلال استعراض الطائرات السعودية.
المملكة العربية السعودية في ظل قيادتها الرشيدة أصبحت من عمالقة العالم في شتى المجالات وأصبح صوتها مسموعا وكلمتها مهابة لم تعد محتاجة إلى صخب دعائي لأنها تتوافر على قوة دبلوماسية ناعمة لم يفهم الكثيرون تفاصيلها وبقيت الفضائيات العربية بعيدة كل البعد على إيفائها حقها بنفس الذكاء الاستراتيجي رغم خرافية الإمكانات.