منال الحصيني
كما أن الجسد من الممكن أن يمر بمرحلة (الاحتراق الداخلي) فيؤثر على جوانب الحياة إذ لا يتم التعامل معه بشكل واعٍ، كذلك الحال في (الاحتراق النفسي) تلك الحالة التي يواجهها الكثير من النساء من شعور بالإرهاق الجسدي والعقلي نتيجة الضغط المستمر والتوتر.
المرأة في زمننا المتسارع باتت محمّلة بالهموم والمسؤوليات المفرطة جراء تعدد الأدوار وتراكم المسؤوليات، وهذه الحالة الشعورية ليست حصراً على المرأة العاملة دون غيرها، لكنها قد تزيد حدتها في معظم النساء العاملات، فزمن السرعة والتطور المهول لمجريات الحياة وأساليبها جعل من الاحتراق النفسي عرضاً يلازم المرأة نتيجة انخراطها في مواكبة دهاليز الحداثة التي لم تكن وحدها من ولج إليها؛ فالتيار الجارف يحتاج للمعرفة والمهارة بخطورة تعدد الأدوار في زحام الحداثة وكيفية توظيف المناسب منها جسدياً وتجاهل المُنهِك منها.
هذا ما يقال عنه بلغة نفسية بحتة (فك الارتباط بين القيمة الذاتية والإنتاجية) فأنتِ لستِ الأدوار ولا الجداول ولا أنتِ المهام التي تؤدينها.
إن فكرتِ بهذا الشكل فقد ربطتِ قيمتك كامرأة بمقدار ما تقدمينه للآخرين حتى وإن كانوا أبناءك، أعيدي تصورك عن نفسك وأعيدي توزيع الأدوار، فأنت لست وحدك في منظومة المجتمع، فوّضي بعض الأمور لغيرك إن لزم الأمر، فالتفويض ليس ضعفاً بل ذكاء، ولا يمنع الأمر من دخولك في عزلة قصيرة واعية كجزء من مساحة استرجاع النفس لترتيب الذات.
والأهم هو (تنظيم طاقتك وليس وقتك).
هل سألتِ نفسكِ قبل أي مهمة تؤدينها أن لديك الطاقة الكافية أم تجبرين نفسك لفعلها خوفاً من التقصير؟
فحجم المهام التي تؤدينها لا تهُم وخططك الزمنية لن تجدي نفعاً إن شعرت بأنك مستنزفة.
رتبي يومك وفق طاقتك لاحسب قائمة المهام، فالمرأة تميل للعطاء العاطفي وتأدية الأدوار في وقت واحد، وتتأثر باالمواقف بشكل تراكمي، والأهم مرورها بتغيرات هرمونية تؤثر على مزاجها وطاقتها وجسدها كاملاً، لذلك النظام الزمني المجدول يظلمها كثيراً لأنه ببساطة لا يراعي تغييراتها الداخلية.
تعرفي على ما يسمى بـ(خرائط الطاقة اليومية) بمعرفة الساعات الأكثر صفاء وطاقة خلال اليوم، والأوقات التي ينخفض فيها تركيزك وتصرفي على أساسه ورتبي مهامك حسب استهلاكها لطاقتك.
إحمِ مساحة (اللا شيء) بتخصيص وقت خال من أي مهام يكون لإعادة شحن الروح نصف ساعة تكونين فيها بلا مهام.
فهناك مهام تستنزف.. كنقاشات سلبية
ومهام تغذي.. كقراءة كتاب وجلوس مع الذات
ومهام محايدة .. لا تُقيد بميول ولا تُصنف لجنس
وتذكري دائماً أن تنظيم الوقت يقول لك.. أنجزي أكثر، وتنظيم الطاقة يقول لك.. عيشي بعمق.
رفقاً بنفسك، لا تطالبيها أن تكون كل شيء في كل وقت، ولكل أحد، ففي هذا الوقت المتسارع نضج الوعي، لا سرعة الأداء، كل ما تحتاجينه.