رسيني الرسيني
كيف يمكن أن تتكامل قطاعات رئيسة لصناعة المستقبل؟ وخلق اقتصاد مزدهر ومتنوع؟ هذه دعوة لقراءة التقرير السنوي لبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب) الصادر هذا الأسبوع، والذي تضمن استعراضًا شاملًا لأداء البرنامج وأثره في تعزيز ركائز الاقتصاد الوطني، ضمن مستهدفات رؤية 2030. ويكفي ذكر أن البرنامج ساهم بما قيمته 986 مليار ريال في الناتج المحلي غير النفطي، أي ما يعادل 39 في المائة من إجمالي هذا الناتج، مما يؤكد استمرار النمو في الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالتصنيع والخدمات والموارد الطبيعية. كما يعكس أهمية البرنامج في إعادة تشكيل الاقتصاد الوطني بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على النفط.
أُطلق البرنامج بهدف تعزيز التكامل بين أربعة قطاعات وهي: الطاقة، والتعدين، والصناعة، والخدمات اللوجستية. بحيث يعمل البرنامج على تكامل وريادة واستدامة نمو هذه القطاعات لتحقيق قيمة مضافة وتعظيم أثرها الاقتصادي. وبالنظر إلى أرقام عام 2016م ومقارنتها الآن، نجد الدور المحوري المبذول بهذا الشأن، فعلى سبيل المثال: بلغ إجمالي المنشآت الصناعية أكثر من 12,500 منشأة في عام 2024م، مقارنة بعدد 7,206 منشآت في عام 2016م. كما قفزت إجمالي الثروات المعدنية المتوقعة من 4.9 تريليون ريال في عام 2016م إلى 9.4 تريليون ريال في عام 2024م.
أما على مستوى القطاعات، حققت الصناعات التحويلية نموًا نسبته 4 في المائة، في حين سجل قطاع التعدين والنقل والتخزين نموًا بنسبة 5 في المائة، وهي نسب تعكس فعالية المبادرات التحفيزية الموجهة للقطاع الصناعي، إضافة إلى تحسن كفاءة سلاسل التوريد والبنية التحتية الداعمة. من جانب آخر، أظهرت الصادرات غير النفطية تحسنًا ملحوظًا، حيث بلغت قيمتها الإجمالية 514 مليار ريال، بزيادة قدرها 13.2 في المائة عن عام 2023م. وبلغت الصادرات السلعية 217 مليار ريال بزيادة 4 في المائة، بينما نمت صادرات الخدمات بنسبة 14 في المائة لتصل إلى 207 مليارات ريال. أما إعادة التصدير فقد شهدت قفزة نوعية بنسبة نمو بلغت 42 في المائة لتصل إلى 91 مليار ريال، وهو ما يعكس تحسن بيئة الخدمات اللوجستية في المملكة.
في جانب التوظيف وخلق الفرص، أوضح التقرير أن عدد العاملين في القطاعات المرتبطة بالبرنامج بلغ أكثر من 2.4 مليون عامل، منهم 81 ألف مواطن ومواطنة تم توظيفهم خلال العام الماضي وحده، ما يؤكد أن البرنامج يسهم في دعم التوطين في سوق العمل، خاصة في القطاعات الصناعية والخدمية التي كانت سابقًا محدودة الإقبال من قبل الكوادر الوطنية. وفي السياق الاستثماري، بلغت الاستثمارات غير الحكومية في قطاعات البرنامج 665 مليار ريال، ما يعكس نجاح البرنامج في جذب رؤوس الأموال، وتعزيز بيئة الاستثمار.
حسنًا، ثم ماذا؟
التقدم المحقق في تنويع الاقتصاد، وتحسين التنافسية اللوجستية، وتوطين الوظائف، وتعزيز الاستثمارات في الطاقة المتجددة، يؤكد أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو بناء اقتصاد صناعي ولوجستي متكامل ومستدام.