عبدالكريم بن دهام الدهام
في لحظة فارقة تجسّد الرؤية الجريئة الاستثنائية لقيادتنا الرشيدة -أعزها الله- التي تؤمن بأن بناء الإنسان هو مرتكز التنمية وأساسه النابض، أعلنت المملكة العربية السعودية إدراج مادة «الذكاء الاصطناعي»، ليتم تطبيقه في مدارس التعليم العام ابتداء من العام الدراسي المقبل 1446 - 1447هـ.
خطوة لا تماثل سواها، تهدف إلى إعادة هندسة علاقة الطالب بالحالة العالمية الجديدة، وبركب التقدم الرقمي، وبالمستقبل نفسه.
لقد اختارت المملكة العربية السعودية أن تبدأ الغد من هذا اليوم، بطموح واحد لتؤكد مجدداً أن الأوطان التي ترسم الحاضر والمستقبل، تصنع أحداثها بأيديها.
صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- وكعادته في استشراف ملامح المستقبل، قالها بكل وضوح: «إنني أدعو هنا كافة الحالمين والمبدعين والمستثمرين وقادة الرأي للانضمام لنا في المملكة؛ لنحقق معاً هذا الطموح ونبني نموذجاً رائداً لإطلاق قيمة البيانات والذكاء الاصطناعي لبناء اقتصادات المعرفة والارتقاء بأجيالنا الحاضرة والقادمة».
هذه طبعاً ليست بالكلمات التحفيزية، بل رؤية دولة شاملة، تتحرك بكل ثقة وعزيمة في اتجاه الغد الذي يستند إلى الذكاء والإبداع والابتكار، وليس على الموارد فقط.
مادة «الذكاء الاصطناعي» ستُدرّس في مراحل التعليم العام الثلاث، لكنها لن تكون كحصة تعتمد على النظرية الجامدة، بل ستكون أشبه برحلة تفاعلية تنمو مع الطالب.
يشمل المنهج الجديد وحدات دراسية متخصصة في الذكاء الاصطناعي تُراعي خصائص كل مرحلة عمرية، وتُقدَّم بأساليب تفاعلية وتطبيقية، كما تتضمن الخطط آليات للربط المعرفي بين المراحل لضمان تراكم المهارات وبنائها بشكل تدريجي، على أن تُدرج نتائج التعلّم ضمن منظومة التقييم الشامل لأداء الطلاب وتحصيلهم.
إنها رسالة بارزة بأن المملكة العربية السعودية تسبق المتغيّرات العالمية والعلمية، وتملك من الطموح والشجاعة والمرونة ما يلزم لتغيير المسار عند الحاجة، من دون أية تعقيدات إدارية أو انتظار انعقاد اللجان لفترة زمنية طويلة أو أعوام من الدراسة.
القرار يتم اتخاذه عندما تكون المصلحة العامة، ويتم تنفيذه بسرعة ومثالية وكفاءة، لأن الزمن في منطق المملكة العربية السعودية ليس شيئاً يُستنفذ، بل يُستثمر.
هكذا تتحول المدرسة السعودية إلى أيقونة استكشاف، والصف الدراسي إلى مختبر ابتكار وإبداع، والمعلم إلى دليل في اتجاه آفاق لم ترسم بعد.
وتثبت بكل تأكيد المملكة العربية السعودية من جديد أنها لا تعيش في محلة الانتظار للغد، بل تبادر إليه، وتصنعه بالتزام ووعي.. وبأبنائها، الذين يشاركون مع وطنهم البناء والنجاح.