رمضان جريدي العنزي
الحسد خبث وعاهة وجريمة أخلاقية بغيضة، ونتيجة الحسد قتل (قابيل) أخاه (هابيل)، حسده من أجل (قربان) ليس إلا، إن الحاسد لا يتمنى الخير لأحد، بل يتمنى الشر وزوال النعمة من كل أحد، لأن ذاته شريرة، وعنده لؤم شديد، وخبث مستعر في الأعماق، إن الحاسد يحسد الآخر على الخير الذي يرفل فيه، أو على علمه، أو على ثروته، أو على جاهه ومقامه، قال ابن المعتز:
اصبرْ على حَسدِ الحَسُود
فإنَّ صبرَكَ قاتِلُهْ
فالنار تأكل نفسها
إنْ لم تجد ما تأكُلُهْ
إن الحاسد يتبع أهواءه وشهواته ومصالحه الشخصية دون مراعاة لأحد، يصدر أحكاماَ صارمة على الناس، وينتقدهم بحدة عالية، ويرسم صوراَ قاتمة عنهم، وإن كانوا أشد من البياض، ولديه نرجسية فائقة، وله آفات وخطايا ولا يكترث بالقيم والموازين، ويستخف بالمواهب والكفاءة والمهارة، ويزدري الناس ولا يعجبه العجب، ولا كل أحد، وإن كان مثل البلورة، لديه انتفاخ وزيف، يترك العسل، ويذهب إلى العلقم والحنظل، شخصيته مهزوزة، ويظهر غير ما يبطن، ويمارس في السر غير ما يمارسه في العلن، لا يخشى الله، ولا يستحي من الناس، يتاجر بالأقوال دون الأفعال، شديد اللهاث وراء منافعه الشخصية، مراء وخداع، ويحترف المكر والغش، إن الحسد من أتعس الأخلاق والطباع، وهو المحاولة الشيطانية لتثبيط كل ما هو مبدع ونشيط وفعال، وهو بمثابة الجرثومة السيئة التي تفتك بالحاسد، وتهد الصحة والكيان، إن الحاسد لا يرحم أحدا، يبكي مع الراعي، ويعبث مع الذئب، مواقفه زئبقية، ولسانه حاد، وآراؤه بالآخرين متطرفة، إنه شيطان من الإنس، نعوذ منه كما نعوذ من شياطين الجن.