أ.د.عثمان بن صالح العامر
تسعى الجامعة في بلادنا العزيزة المملكة العربية السعودية إلى تحقيق أهداف عليا مدونة في وثائقها الرسمية. ومن هذه الأهداف التي نصت عليها سياسة التعليم الجامعي (إعداد مواطنين أكفاء مؤهلين علمياً وفكرياً تأهيلاً عالياً لأداء واجبهم في خدمة بلادهم والنهوض بأمتهم في ضوء العقيدة السليمة ومبادئ الإسلام السديدة). وتنص المادة الأولى من نظام مجلس التعليم العالي والجامعات في المملكة على أن (الجامعات مؤسسات علمية وثقافية تعمل على هدي الشريعة الإسلامية وتقوم بتنفيذ السياسة التعليمية بتوفير التعليم الجامعي والدراسات العليا والنهوض بالبحث العلمي والقيام بالتأليف والترجمة والنشر وخدمة المجتمع في نطاق اختصاصها). وباعتقادي الشخصي أن التقسيم الكلاسيكي لوظائف الجامعة الثلاث (التدريس -البحث العلمي- خدمة المجتمع) لا يعطي أحدها أفضلية على الأخرى، بل ينبغي أن يتساوى الاهتمام بها أو على الأقل يتقارب ولا يكون هناك بون شاسع بين الوظائف الثلاث. والراصد للواقع والمتأمل فيه سوف يصل جزماً إلى أن وظيفة (خدمة المجتمع) لم تلق الاهتمام المطلوب مقارنة بالتدريس والبحث العلمي مع وجود مراكز لخدمة المجتمع في جميع جامعاتنا وكلياتنا المختلفة والمنتشرة في جميع مناطق المملكة.
يقول (مايور) مدير عام اليونسكو (إن الجامعة لو اكتفت بهذا الشطر من رسالتها، أي أن تكون مركز التأهيل المهني فحسب، أي مصنعاً للشهادات فإنها تكون قد أخلَّت بعملها الرئيس، وبذلك تنقض دعائمها من الأساس ولا تلبث أن تسير في طريق التدهور والانحلال). وفي عام 1968م كتب الفيلسوف الهندي ك. ج. سيدين عن الجامعات الهندية يقول: (إن الجامعات عموماً ما لم تستعمل عقولها في القضايا ذات الأهمية من وجهة النظر الاجتماعية، فهناك على وجه العموم موقف يتسم باللا مبالاة والتقوقع سواء بين الطلبة أو بين الأساتذة أعضاء هيئة التدريس إزاء المسؤوليات الاجتماعية واحتياجات المجتمع الذي يخدمونه. وإذا ما استمر ذلك فإن الجامعات ستعجز عن أن تلعب أي دور مفيد وخلاَّق في الحياة الوطنية.. إن معظم الجامعات تقف في هدوء موقف اللا مبالاة مما يجري حولها ولا يبلغون مجرد إدراك أن التزامهم الاجتماعي أن يتعرَّفوا على مواقع المرض في المجتمع ويبحثوا عن علاج لها .لقد ترعرع الجهل والأمية بين جدران الجامعات والكليات ولم يبذل كثير جهد من قبل أية جامعة أو كلية للقضاء على الأمية حتى في حرم الجامعة).
إن الآمال معقودة على جامعاتنا وكلياتنا في مناطقنا الثلاث عشرة بأن تقوم بدور أعظم فاعلية تجاه المجتمع أيام إجازة نهاية العام الجامعي، وذلك من خلال برامج ترفيهية وتثقيفية متميزة، مدروسة ومعد لها سلفاً، وتحت إشراف الموثوق بهم أصحاب المبادرات الوطنية النوعية المتميزة، فالمجتمع إن كان بحاجة إلى خدمة خلال العام الدراسي فهو أشد ما يكون حاجة إليها خلال الإجازة الصيفية حين يكون لديه فسحة من الوقت، على أن تكون البرامج في هذه المحاضن التربوية الأكاديمية المتميزة، والحصون الوطنية الشامخة، مبتكرة وجذابة ومشوِّقة خلاف المألوف، وتحظى بالدعاية الكافية الجاذبة، صالحة للجميع الكبار قبل الشباب والصغار، وللإناث كما هي للذكور، وجزماً سيكون الإقبال كبيراً، وستجنى الثمرة اليانعة، وستتحقق الفائدة المرجوة والتي لها انعكاساتها الإيجابية على شباب وفتيات وطننا المعطاء، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء، والسلام.