محمد العويفير
أحياناً تتخذ الأندية قرارات حاسمة بعيداً عن خط التماس، قرارات قد تُرضي جهة وتغضب أخرى، لكنها في النهاية تعكس واقعاً أكثر تعقيداً مما يبدو على السطح.
اعتذار نادي الهلال عن المشاركة في كأس السوبر ليس مجرد غياب لفريق كبير عن بطولة مهمة، بل هو مشهد تتداخل فيه الضغوط البدنية والإشكالات التنظيمية، والسؤال هو: من يتحمل المسؤولية؟
من هنا تبدأ القصة، بين من يرى أن الهلال أنهك بما فيه الكفاية هذا الموسم، وبين من يتساءل: لماذا لم يبحث النادي عن حلول بديلة تضمن له الحضور دون الإضرار بمصالحه الفنية؟ وبينهما يقف الاتحاد والجهات المنظمة تحت مجهر التساؤل حول التوقيت والمكان وآلية إدارة البطولات.
الهلال كأحد أكثر الأندية مشاركة في الموسم المنصرم خاض عدداً كبيراً من المباريات المحلية والقارية، ما جعله يعاني من إجهاد بدني وذهني لا يمكن تجاوزه بقرارات إدارية أو معسكرات استعدادية سريعة. الموسم كان طويلاً وربما الأطول من حيث الزخم والتحديات، وهو ما دفع الكثير من المتخصصين في الجوانب البدنية واللياقية إلى تأييد فكرة الاعتذار، باعتبار أن الأولوية هي لإراحة اللاعبين وتفادي المخاطرة بموسم قادم مزدحم هو الآخر، فلا يمكن التعامل مع اللاعبين كآلات، ومن هذا المنطلق جاء قرار الهلال ليطرح نفسه كخيار واقعي، ويكشف عن حاجة الأندية إلى جدولة مدروسة توازن بين التنافس والاستشفاء.
ربما لم يكن الإرهاق وحده هو السبب، فالإعلان عن موعد ومكان كأس السوبر قبل انطلاقها بشهرين فقط يسلّط الضوء من جديد على أزمة مزمنة في الكرة السعودية وهو سوء التخطيط الزمني، ففي كثير من الدول تُقام مباريات السوبر خارج البلاد وتعلن منذ وقت مبكر جداً ضمن اتفاقيات تجارية تعود على الأندية المشاركة بعوائد مالية ضخمة، هذه العوائد تعوّض الأندية عن الإرهاق وتدفعها لتقبّل التحديات اللوجستية والضغط الجماهيري، لكن محلياً تغيب هذه المعادلة.
الحق يُقال، حين أُعلن خبر اعتذار الهلال كنت كغيري من المعترضين بدا لي القرار آنذاك مرفوضاً بأي حال من الأحوال، فنادٍ بحجم الهلال لا يمكن أن يغيب عن بطولة كبرى بهذه السهولة.
ولكن بعد قراءة بيان النادي تغيّرت وجهة نظري كثيراً. ليس لأن البيان صيغ بلغة دفاعية، بل لأنه استند إلى منطق قانوني وواقعي يصعب تجاهله، فاللاعبون بحسب اللوائح يجب أن يحصلوا على راحة لا تقل عن 28 يوماً، ومع ذلك الهلال لم يتمكن من منح لاعبيه هذه المدة الكاملة؛ مما يجعله مهدداً بإرهاق موسمي متراكم لا يُهدد فقط النادي بل المنتخب السعودي أيضاً الذي تنتظره استحقاقات مصيرية في أكتوبر المقبل.
ثانياً، الإنهاك ليس شعوراً عابراً يمكن تجاوزه بين معسكرين، هو حالة تراكمية تمتد آثارها بدنياً ونفسياً إلى ما هو أبعد من مباراة سوبر، فالهلال لعب موسمًا طويلًا وشاقًا ومن الطبيعي أن يخشى من تكرار ذلك في موسم جديد دون استراحة حقيقية.
رسالتي
أحدهم ممن شغل مناصب رفيعة في كرة القدم السعودية اقترح معاقبة الهلال على اعتذاره عن السوبر استناداً إلى لائحة مسابقات الدوري! كمن يُعاقب طالباً تخلّف عن حصة الرسم بحرمانه من اختبار الفيزياء!.
** **
- محلل فني