د. عيسى محمد العميري
لا شك أن لدينا وعياً من الجميع بمخاطر المخدرات وما تفعله في الإنسان. والتبعات السيئة التي تنتج عنها فهي ولا شك لها آثار بعيدة المدى وتدمر المجتمع وتنخر فيه بشكل يسهم بتدميره بوتيرة بطيئة.
المخدرات من أهم أسباب الجرائم مقارنة بنسبة الجرائم الأخرى وهي تتجاوز أرقاماً قياسية وبالتالي قضية خليجية بامتياز تستوجب الوقوف عندها لدى دول الخليج العربي كافة، وخاصة في هذه الأيام ومناسبة الصيف وموسم الإجازات، ويتوجب على مؤسسات الدولة في جميع دول مجلس التعاون الخليجي أن تتضامن سوياً لمحاربة هذه الآفة وعلى جميع الأصعدة.
في هذا الصدد وعلى رأس تلك الأطراف الأسرة الخليجية التي هي اللبنة الأساسية والأولية في تنشئة الفرد وتلعب دوراً كبيراً في انحراف الفرد نحو المخدرات من عدمه، إذا كانت الأسرة تعاني من التفكك الأسري بكافة أشكاله، كما يلعب الأصدقاء خصوصاً السيئين منهم دور مهم آخر من أدوار الانسياق وراء إدمان المخدرات من أبواب ومداخل عدة مثل الرجولة والتجريب والهروب من المشكلات، ومخاطر السفر لدول تسمح بالمخدرات وفق معايير محددة فيها. ومن ناحية أخرى نقول إن دور المدرسة التي يقضي فيها الفرد أكبر وقت ويتعلم فيها الحياة الاجتماعية الواسعة له الأثر الكبير والمهم في محاربة هذه الآفة، وأن أي خلل في هذه المؤسسات قد يؤدي حتماً إلى انحراف أفراد المجتمع وانزلاقهم إلى الإدمان على المخدرات. كل تلك المعطيات تفرض على دول الخليج مجتمعة وضمن جهود مشتركة وتنسيق متبادل بذل المزيد من الجهود في سبيل محاربة هذه الآفة من مهدها ومحاصرتها في كل مكان، والتركيز على المدرسة والأسرة في تلك الجهود، والأهم من ذلك كله هو تغليظ العقوبة على جميع أطراف ومتداولي المخدرات. وذلك بالنظر لما تشكله تلك الآفة من تبعات غير محدودة ومشاكل غير مسبوقة وتصرفات لم يشهدها المجتمع الخليجي على مدى التاريخ. فعادة إدمان المخدرات مشكلة عابرة للقارات ولا تقف عند حد معين إذا ما أدركنا أن حجم تلك التجارة المهلكة للدول والمجتمعات في العالم أجمع يصل إلى المليارات من الدولارات ومصدر مهم من مصادر تجارة الموت لأمرائها من المروجين الذين يقفون على عروشها ويرعون نماءها ووصولها إلى طالبيها في العالم أجمع. من هنا ومن هذا المنطلق نؤكد على وجوب رؤية العديد من الإجراءات والقوانين المتعلقة بمحاربة تجارة المخدرات بشتى الطرق والوسائل المتاحة للدولة، فحياة الفرد لها قيمة كبيرة فإن صلح مساره صلح مسار الدولة والمجتمع بأكمله وإن فسد، فسد معه كل شيء. ومن موقعنا هذا نوجه نداءنا لجميع المعنيين في دول مجلس التعاون الخليجي لتكثيف التعاون والتنسيق المشترك لمواجهة هذه القضية ومكافحة أخطارها. والله الموفق.
** **
- كاتب كويتي