د.عبدالرحيم محمود جاموس
لم تعد جرائم المستوطنين اليهود في الضفة الغربية والقدس حوادث فردية عابرة، بل تحوّلت إلى نموذج منظم لإرهاب ممنهج ومدعوم رسميًا من حكومة الاحتلال، يهدف إلى اقتلاع السكان الفلسطينيين الأصليين من قراهم وأرضهم لصالح مشروع استيطاني توسعي، ينتهك القوانين الدولية ويقوّض أي فرصة للسلام.
الجريمة المروّعة التي ارتكبتها ميليشيات المستوطنين في بلدة كفر مالك شرق رام الله، وأسفرت عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين وإصابة سبعة آخرين، لم تكن سوى حلقة جديدة في سلسلة متواصلة من الهجمات التي تنفذها عصابات المستوطنين تحت حماية الجيش الإسرائيلي، وبغطاء سياسي وأيديولوجي مباشر من وزراء في حكومة الاحتلال، باتوا يعملون كقادة ميدانيين لهذه العصابات.
بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) التابع للأمم المتحدة، فقد تم تسجيل أكثر من 1200 هجوم عنيف نفذه مستوطنون خلال عام 2023 فقط، شمل ذلك اعتداءات جسدية، إحراق ممتلكات، وقتل مباشر في بعض الحالات، وتضاعفت الأرقام خلال النصف الأول من 2024 بنسبة 40 %. كما وثّقت منظمة «بتسيلم» أن معظم هذه الهجمات تقع بحماية مباشرة من جيش الاحتلال أو بتواطئه.
الأخطر أن الحكومة الإسرائيلية الحالية أطلقت سراح عشرات المستوطنين المتورطين في جرائم قتل ضد فلسطينيين، وألغت أوامر اعتقالهم الإداري، وفق ما كشفه تقرير لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان، ما يعكس انهيار مبدأ المحاسبة وتكريس ثقافة الإفلات من العقاب. هذه الاعتداءات ليست عشوائية بل تقع ضمن استراتيجية «التهجير القسري الصامت»، حيث تسعى حكومة الاحتلال عبر هذه العصابات إلى تفريغ المناطق الفلسطينية من سكانها الأصليين، كما يجري في الأغوار ومسافر يطا وجبال جنوب الخليل، لصالح التوسع الاستيطاني وفرض وقائع ديموغرافية جديدة على الأرض.
إن صمت المجتمع الدولي وعدم تصنيف هذه الجماعات كتنظيمات إرهابية يُعد تواطؤًا يُضعف منظومة القانون الدولي.
في المقابل، طالبت مؤسسات حقوقية كـ «هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية» المجتمع الدولي باتخاذ خطوات عملية، تشمل فرض عقوبات على المسؤولين الإسرائيليين المتورطين، وحماية المدنيين الفلسطينيين عبر آليات دولية فعالة.
ما تحتاجه فلسطين ليس مجرد تضامن عاطفي، بل تحرك سياسي وقانوني عاجل، يعترف بأن ما يجري هو تطهير عرقي ممنهج، ويُحمّل دولة الاحتلال المسؤولية الكاملة كقوة قائمة بالاحتلال. فالإفلات من العقاب لم يعد تهديدًا لفلسطين فقط، بل لسلام العالم وقيم العدالة الدولية برمتها.
لابد من توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في ظل هذا الاحتلال ومستوطنيه إلى إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة في وطنه فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.