د.عبدالعزيز الجار الله
رحل الموسيقي والمسرحي اللبناني زياد عاصي الرحباني، وزياد سر أمه وأبيه، سر والدته فيروز، وسر والده عاصي الرحباني، عاش تناقضات منذ ولادته 1956 سياسية واجتماعية، نشأ زياد في منزل عُرف بكثافة الإنتاج الفني، وشهرة مبكرة، وإبداعات، مصدر هذا التوهج الإبداعي بين الرحابنة الأب عاصي ومنصور، وبين فيروز الصوت والأم، والمرأة العربية التي نثرت عبيرها في الخمسينات الميلادية حين كانت الدول العربية لتوها تتحرر من الاستعمار الأوروبي، وسط هذه التناقضات عاصي الحاد في عواطفه ورؤيته وانفعالاته، وفيروز المرأة المشرقية التي لا تلين فكانت طفولة زياد أشبه بالواقف على الشفير والهامش ما بين السخط والرضا، وما بين العاطفة النهرية الرقراقة، وبين حدية الإبداع للأم والأب فقدم لنا أغنيات وموسيقى ومسرحيات نزف لا يتوقف من بداياته عام 1973 عندما دخل والده عاصي مرحلة مرض انفجار الشرياني الدموي، فقدم زياد ابن سر أمه لحن أشهر أغنيات فيروز: سألوني الناس عنك يا حبيبي. كأول مرة تقيم فيروز حفلاً في غياب عاصي.
عاش زياد رحباني تاريخاً عربياً مليئا بالحروب ترافق معه الرحابنة عبر أغنيات حروب لبنان وفلسطين، فمن أغاني فيروز الوطنية: في حروب 1948/ 1967: سنرجع يوما إلى حينا، وزهرة المدائن الغضب الساطع آتٍ، مريت في الشوارع شوارع القدس العتيقة، الآن الآن وليس غدا أجراس العودة فلتقرع. وعندما احترقت بيروت ولبنان في الحرب الأهلية 1975 غنت فيروز التي وحدت لبنان أغنيتها الشهيرة بحبك يالبنان عام 1976:
بحبك يا لبنان يا وطني بحبك
بشمالك، بجنوبك، بسهلك بحبك
وفي الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 غنت للجنوب إسوارة العروسة: إسوارة العروس مشغولِة بالذهبْ/
وإنتْ مشغول بقلوبْ يا تراب الجنوبْ.
هذه الأحداث: النكسة العربية 1967، وظروف الحرب الأهلية اللبنانية 1975، والاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982. والصراع العائلي بين مبدعين عاصي وفيروز، ثم رحيل وعاصي عام 1986 بنزف الدماغ، ورحيل أخته ليال عام 1988، وأخيراً حزنه الذي لم يتوقف منذ ولادة أخيه هلي معاقا عام 1958 إعاقة ذهنية وحركية لا يقوى على الكلام ولا التعبير. أوجدت شخصية زياد الفنية والاجتماعية، لكنها بالمقابل قدمت لنا نهراً من الألحان هي:
وفي عام 1973 لحن أغنية «سألوني الناس» للفنانة فيروز لتتوالى ألحانه للعديد من أغاني فيروز، منها «أنا عندي حنين»، «كيفك أنته»، «معرفتي فيك»، «بترا»، «ياجبل الشيخ». وسلملي عليه، عودك رنان، مش كاين هيك تكون/ كان غير شكل الزيتون.
في المجال المسرحي ألف وشارك في العديد من المسرحيات التي تنتقد السياسة والمجتمع، منها «المحطة»، وميس الريم لفيروز «سهرية»، «نزل السرور»، «بالنسبة لبكرا شو»، «لولا فسحة الأمل»، الفصل الآخر».
وأصدر زياد الرحباني العديد من الأغاني، منها «أنا مش كافر»، «عايشة وحدة بلاك»، «شو هالأيام»، «بلا وشي»، «بما أنو»، «مربى الدلال»، «تلفن عياش»، «حبيتك تنسيت النوم».