رمضان جريدي العنزي
التباهي بالثراء بلا حياء استعراض باذخ، وتفاخر مقيت، وهياط كاذب، وسلوك مشين، واستفزاز لمشاعر من لا يجد مثل هذه الحياة المترفة، لقد تفشت هذه الظاهرة من بعض أصحاب المال بالبحث عن الشهرة وكنوع من البروز والظهور ولفت الانتباه من خلال استعراض ما يملكون، وما يأكلون، وكيف يعيشون، وكيف يقيمون حفلاتهم وموائدهم وسفراتهم، وحتى سُرُر نومهم، ورضاعات أطفالهم، وسياراتهم وطياراتهم ويخوتهم وبيوتهم، يصورون حياتهم اليومية وفق تفاصيل مملة، وينشرونها في سناباتهم وحالاتهم في الواتساب وفي مختلف وسائل التواصل، إن التفاخر بالنعم من خلال «شوفوني كيف أعيش» مرض وخلل يحتاج إلى علاج وتأهيل نفسي وتوجيه معنوي وإرشاد.
إن من الأولى على هؤلاء شكر الله الذي أعطاهم ورزقهم هذه النعم الوفيرة، فالنعمة من دون شكر دائم، وحمد مستمر، ممكن أن تتلاشى فجأة وتزول، ثم يتبعها الحسرة والأسى والندم، قال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ)، إن التمظهر الاستهلاكي المفرط، والاستعراض المقيت، والتباهي الباذخ، من غير وعي ولا عقل ولا حكمة، مجرد أقنعة مزيفة، وسلوكيات واهنة، وفراغات روحية باهتة، إضافة إلى أن إظهار النعم سواء كانت مادية أو معنوية، بهدف التفاخر والتباهي والتعالي على الآخرين، مرفوض في الإسلام رفضاً تاماً، لما له من آثار سلبية على الفرد والمجتمع، حيث يؤدي إلى الحسد والكراهية، ويفسد الدين والدنيا.
إن التفاخر والتباهي والإسراف والبطر بالنعم من خلال استعراضات بعض الجهال والسفهاء، يعد حالة تصيب بالاستفراغ والغثيان، قال الشاعر العربي:
دَبِّرِ الْعَيْشَ بِالْقَليلِ لَيَبْقَى
فَبَقَاءُ الْقَلِيلِ بِالتَّدْبِيرِ
لا تُبَذِّرْ وَإِنْ مَلَكْتَ كَثِيراً
فَزَوَالُ الْكَثِيرِ بِالتَّبْذِيرِا
وقال الشاعر راشد الخلاوي:
قولوا لبيت الفقر لا يامن الغنا
وبيت الغنا لا يامن الفقر عايد
ولا يامن المضهود جمعٍ يعزه
ولا يامن الجمع العزيز الضهايد
اللهم احفظ علينا نعمك، ووفقنا لشكرك وطاعتك، وأعنَّا على ذكرك وحسن عبادتك، واجعل ما أنعمت به علينا من الخيرات معيناً لنا على طاعتك.