زهير بن سليمان الحربش
يتساءل الكثير من أصحاب الأعمال عن المدد الزمنية لحفظ أصول المستندات، ومتى لا تسمع الدعوى في النظام السعودي؛ ولهذا سأبين في هذه المقالة على نحو موجز آلية تقادم الدعاوى وكيفية حفظ السجلات والمستندات، فقد نصت المادة 234 من نظام العمل على ألا تقبل أمام المحاكم العمالية أي دعوى تتعلق بالمطالبة بحق من الحقوق المنصوص عليها في نظام العمل أو الناشئة عن عقد العمل بعد مضي 12 شهراً من تاريخ انتهاء العلاقة العمالية ما لم يقدم المدعي عذراً تقبله المحاكم العمالية كالحبس أو المرض أو أن يصدر من المدعي عليه إقرار بالحق، كما لا تقبل الدعاوى المصرفية (البنكية) أمام لجان المنازعات المصرفية بعد مضي خمس سنوات من تاريخ استحقاق المبلغ محل المطالبة أو من تاريخ العلم بالواقعة محل النزاع ما لم يقدم المدعي عذراً تقدره اللجنة ناظره الدعوى، كما لا تنظر محاكم التنفيذ الدعاوى المتعلقة بالسند لأمر كسند تنفيذي في حال مضى أربع سنوات على تاريخ إنشاء السند لأمر الذي يستحق الوفاء لدى الاطلاع أي الغير متضمناً تاريخ استحقاق، أما السند لأمر الذي يتضمن تاريخ استحقاق فلا تسمع الدعوى بشأنه عند مضي 3 سنوات على تاريخ استحقاقه.
ولا تُسمع الدعوى على المنكر بانقضاء خمس سنوات في حقوق أصحاب المهن الحرة، كالأطباء والمحامين والمهندسين عما أدوه من عملٍ متصلٍ بمهنهم وما أنفقوه من نفقة وكذلك الحقوق الدورية المتجددة، كأجرة العقارات والأجور والإيرادات المرتبة ونحوها، ويُستثنى من ذلك إذا كان الحق ريعًا في ذمة حائزٍ سيء النية أو ريعًا واجبًا على ناظر الوقف أداؤه للمستحق، حيث لا تسمع الدعوى بشأنه بانقضاء عشر سنوات، كما لا تُسمع الدعوى على المنكر بانقضاء سنة في حقوق التّجار عن السلع والخدمات المقدمة لأشخاصٍ لا يتّجرونَ فيها وحقوق أصحاب المنشآت المعدة لإيواء النزلاء والمطاعم ومن في حكمهم الناشئة عن ممارسة تلك الأنشطة وحقوق الأجراء من أجورٍ يوميَّةٍ وغير يوميَّةٍ ومن ثمن ما قدموه من أشياء.
كما لا تُسمع الدعوى في الحقوق الواردة في الفقرة (أ) من المادة (السادسة والتسعين بعد المائتين) من نظام المعاملات المدنية والحقوق الواردة في المادة (السابعة والتسعين بعد المائتين) بانقضاء المدد المعينة ولو استمر نوع التعامل بين أصحابها والمدينين بها، وإذا حُرِّر سند بحقٍّ من هذه الحقوق لم يمتنع سماع الدعوى به إلا بانقضاء عشر سنوات من تاريخ تحرير السند، في حين يقف سريان مدة عدم سماع الدعوى كلما وُجد عذرٌ تتعذر معه المطالبة بالحق ويعدُّ من الأعذار التي يقف بها سريان مدة عدم سماع الدعوى وجود تفاوضٍ عن حسن نيَّةٍ بين الطرفين يكون قائمًا عند اكتمال المدة، أو وجود مانع أدبي يحول دون المطالبة، كما لا تُسمع دعوى المطالبة بحق الارتفاق إذا انقضت على عدم استعماله مدة عشر سنوات ولا تُسمع دعوى بطلان العقد بعد مضي عشر سنوات من تاريخ التعاقد، في حين لا تُسمع دعوى الإثراء بلا سبب ودعوى الفضالة بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ علم الدائن بحقه، ولا تُسمع الدعوى بشكل عام بانقضاء عشر سنوات من تاريخ نشوء الحق ولا تُسمع دعوى الشفعة عند انقضاء 180 يوماً من تاريخ تسجيل البيع.
وتنقطع مدة عدم سماع الدعوى عند إقرار المدين بالحق صراحةً أو ضمنًا أو المطالبة القضائية، ولو كانت أمام محكمة غير مختصة أو أي إجراءٍ قضائيٍّ آخر قام به الدائن للتمسك بحقه.
ولا يجوز الاتفاق على تقصير مدة عدم سماع الدعوى، ولا على إطالتها كما لا يجوز أن يُسقط المدين حقه في التمسك بعدم سماع الدعوى قبل ثبوت هذا الحق له، كما أن إسقاط المدين حقه في التمسك بعدم سماع الدعوى تجاه بعض دائنيه لا ينفذ في حق الباقين إذا كان مضرًّا بهم، وأخيراً لا تقضي المحكمة بعدم سماع الدعوى لمرور الزمن إلا بناءً على طلب المدين أو ذي مصلحة وهو ما نص عليه نظام المعاملات المدنية السعودي الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم (م/ 191) وتاريخ 29-11-1444هـ الموافق 18-06-2023م.
وفيما يتعلق بحفظ المستندات المرتبطة بعملاء البنوك فقد ألزم البنك المركزي السعودي (ساما) البنوك بوضع سياسة داخلية تنظم آلية وإجراءات ومدد حفظ المستندات المرتبطة بعملائها على أن تتضمن هذه السياسة بحد أدنى الآتي:
1- الاحتفاظ بكافة أصول المستندات الورقية المرتبطة بمعاملات العملاء لمدة عشر سنوات كحد أدنى من تاريخ انتهاء العملية أو انتهاء العلاقة التعاقدية، بالإضافة إلى الاستمرار في حفظ صورة ضوئية واضحة من هذه المستندات.
2- الاحتفاظ بكافة أصول المستندات الورقية المرتبطة بدعاوي قضائية أو تحقيقاتها أياً كانت طبيعتها مع حفظ صورة واضحة لها وذلك لمدة عشر سنوات كحد أدنى من تاريخ انتهاء القضية.
كما ألزم البنك المركزي السعودي البنوك والمصارف العاملة بالمملكة بوضع سياسات وقواعد داخلية تنظم عمليات حفظ السجلات والمستندات إلكترونياً على أن تشمل كحد أدنى الآتي:
إجراءات إنشاء وحفظ السجلات والمستندات عبر النظم الإلكترونية (تحضير الوثائق، تصوير، إدخال البيانات، رفع السجلات في النظام، استدعاء السجلات من النظام).
فهرسة وتصنيف السجلات والمستندات (العمليات، الموضوعات، أنواع الوثائق، درجة السرية، المصدر ...إلخ).
صلاحيات الدخول على النظم الإلكترونية وآليات منحها
سياسة أمن المعلومات وسياسة النسخ الاحتياطي بحيث تشمل استخدام الشهادة الرقمية وإجراء عمليات التشفير الإلكتروني وضمان عدم الوصول أو الاطلاع غير المرخص له، وأن يتم توفير أقصى درجات الحماية والقدرة على استرجاع النسخة الاحتياطية عند حدوث الكوارث.
كما ألزمت ساما البنوك مراعاة الآتي كحد أدنى في حفظ السجلات والمستندات إلكترونياً حيث يجب حفظ السجل أو المستند بالشكل الذي أنشئ أو أُرسل أو تُسلّم به دون أي إضافة أو حذف أو تعديل.
بقاء السجل أو المستند الإلكتروني محفوظاً بصورة واضحة وسليمة على نحو يتيح استخدامه والرجوع إليه لاحقاً.
أن تحفظ مع السجل أو المستند الإلكتروني المعلومات التي تمكن من معرفة المنشئ والمُرسل إليه، وتاريخ إرسالها وتسلمها ووقتهما، وفق التقويم الهجري والميلادي، وأن يحدد الوقت بالساعة والدقيقة والثانية، دون إتاحة التعديل في هذه البيانات.
تسجيل وحفظ جميع العمليات التي تجرى على السجلات والمستندات الإلكترونية، دون إتاحة التعديل في هذه البيانات.
في حين يحظر الاطلاع أو التعامل مع السجلات والمستندات والبيانات الإلكترونية لغير الموظفين المخولين بالصلاحيات.
كما يجب على البنك التصديق على نسخ السجلات والمستندات الإلكترونية والتي مضى عليها أكثر من عشر سنوات حال طلب البنك المركزي صور منها بما يفيد مطابقتها للأصل، وذلك بختم البنك وتوقيع أصحاب الصلاحية، مع التحقق من سلامة ووضوح الصور المقدمة وتصديقها. والله الموفق ،،،
** **
- مستشار قانوني ومحكم