عايض بن خالد المطيري
إذا أردت أن تعرف كيف يفكر المجتمع، فلا تكتفِ بالاستماع إلى خُطَب الجمعة، بل انظر إلى الشوارع المجاورة للجوامع قبل الصلاة بخمس دقائق. فوضى لا تشبه إلا نفسها سيارات تقطع الطرقات، ومركبات تقف في منتصف الممرات، وسائقون يظنون أن «نيّتهم» الحسنة تبرّر تجاوزهم للأنظمة والمنطق.
هذا التناقض بين الانتظام داخل المسجد والفوضى خارجه يثير تساؤلًا لماذا نُحسن أداء الفريضة ولا نُحسن التمهيد لها؟ ولماذا تتحول الأحياء السكنية القريبة من الجوامع إلى ساحات طوارئ كل جمعة، وكأن المجتمع لم يستوعب بعد أن هذه الصلاة موعد ثابت، لا مفاجأة تهبط من السماء ظهر كل جمعة؟
من الطبيعي أن يتأخر البعض، وأن تحدث ظروف طارئة. لكن غير الطبيعي هو غياب أي تنظيم فعلي، لا من الجهات المسؤولة، ولا من المصلين أنفسهم. فلو كان تأخر المصلي عذرًا، فما عذر الجهات المعنية؟ وهل يُعقل أن تتكرر هذه الفوضى لعقود دون تدخل جاد من وزارة الشؤون الإسلامية والبلديات أو إدارات المرور؟ كل جهة ترمي الكرة في ملعب الأخرى، بينما تبقى الأرصفة مشلولة، والمشاة محاصرون، وسكان الحي في حالة حصار أسبوعي.
من المؤسف أن صلاة الجمعة وهي رمز للانضباط الجماعي والخطاب الأخلاقي تنتهي بمشهد عكسي خارج المسجد منبهات مزعجة، ومشاجرات على أولوية الخروج، وكل ذلك فقط لأن مجموعة قرروا أن تكون مركباتهم أقرب إلى باب الجامع من أن يمشوا لدقائق معدودة.
إن كنت تتجه إلى طاعة، فلا تجعل منها سببًا للأذى، ولا حجة للفوضى. فالاستعجال إلى الصلاة لا يُبرّر التجاوز، واحترامك لسلامة الآخرين ومشاعرهم جزء لا يتجزأ من إيمانك. فالدين ليس طقوسًا نؤديها داخل المسجد ثم ننسفها عند باب الخروج.
إذا كانت خطبة الجمعة تُعالج قضايا الأمة، فلنبدأ نحن بمعالجة مشكلاتنا الصغيرة التي تتكرر كل أسبوع، وتُسيء لصورة هذا المجتمع الملتزم، دون أن تجد حلًا لما تحت قدميه من فوضى مؤجلة.
نتمنى أن لا يقتصر دور وزارة الشؤون الإسلامية على ما هو داخل المساجد فقط، بل يجب أن يكون هناك تنسيق جاد بين وزارة الشؤون الإسلامية والبلديات، لتخصيص مواقف مهيأة حول الجوامع الكبيرة، وتحديد مسارات منظمة للدخول والخروج، وعلى المرور المتابعة الفعلية وتطبيق الأنظمة بفعالية.