محمد الخيبري
في عالم كرة القدم، يُعد النقد جزءًا لا يتجزأ من اللعبة. هو وقود النقاشات، ومحرك التطور، وأحيانًا، صوت الجماهير الذي يطالب بالأفضل.
ولكن، عندما يتحول النقد إلى عادة، ويفقد أساسه الموضوعي، يصبح عبئًا يعيق المسيرة بدلاً من أن يدفعها للأمام. هذا ما نراه اليوم من بعض الجماهير الهلالية المؤثرين وبعض الإعلاميين المهتمين بالشأن الهلالي الذين يواصلون سيلاً من الانتقادات الموجهة لإدارة النادي، ليس بدافع المصلحة الحقيقية، بل لمجرد الانتقاد، أو ربما لأنهم وجدوا في هذا المسلك سبيلاً للشهرة والتفاعل في فضاء وسائل التواصل الاجتماعي.
إن ما يقوم به هؤلاء قد يندرج تحت مظلة ما يعرف بالانحياز التأكيدي (Confirmation Bias).
هذه الظاهرة النفسية تجعل الشخص يبحث عن المعلومات، أو يفسرها، بطريقة تؤكد معتقداته المسبقة، ويتجاهل أو يقلل من شأن أي دليل يتعارض معها.
فإذا كانت قناعة هؤلاء مبنية على أن إدارة الهلال لا تفعل شيئًا صحيحًا أو دائمًا ما تخطئ، فإنهم سيجدون في كل قرار أو حدث ما يؤكد هذه القناعة، حتى لو كان التفسير بعيدًا عن الواقع أو السياق الكامل يصبح الهدف هو تصيد الأخطاء، لا تقييم الأداء بموضوعية.
تظهر هذه الظاهرة جليًا في استمرارية النقد الحاد والمستمر، حتى في أوقات النجاح أو عند تحقيق الإنجازات ، فبدلاً من الإشادة أو حتى الصمت، يستمر البعض في البحث عن زاوية سلبية، أو انتقاد تفاصيل صغيرة، أو حتى نبش أحداث ماضية، فقط لتدعيم وجهة نظرهم المشككة. هذا النقد يصبح أشبه بمطرقة النقد الدائمة التي لا تعرف التوقف، وتستنزف الطاقة وتشتت التركيز.
إن الخطورة الحقيقية على الهلال وجماهيره تكون في تواجد أشخاص يقفون بالمنتصف بالمنطقة الرمادية بين منتقد وداعم للإدارة الهلالية وهو بالحقيقة داعم لتلك الأصوات المنتقدة ومتبنٍ لأفكارها.
هؤلاء الأشخاص على الرغم من قلتهم قد يكون لديهم أهداف شخصية من هذا السلوك المؤدلج وغير المنطقي والذي حاول من خلاله استهداف شخصيات هلالية لأهداف غير معلومة ويقوم بإسناد مهمة النقد المستمر لأشخاص عرفوا بالوسط الرياضي بانتقاداتهم المستمرة.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما هو تأثير هذا النقد غير الواعي والمستمر على مسيرة الهلال؟.
الاستقرار هو ركيزة أساسية لأي عمل ناجح، وكرة القدم ليست استثناءً. النقد الهدام والمستمر يخلق بيئة من التوتر والضغط على الإدارة واللاعبين والجهاز الفني، مما قد يؤثر سلبًا في أدائهم وتركيزهم.
عندما يتحول النقد إلى هجوم شخصي أو إصرار غير مبرر، فإنه قد يخلق شرخًا بين الجماهير نفسها، وبين الجماهير والإدارة، وحتى بين اللاعبين. هذا الانقسام يضعف الكيان ككل، ويجعله أكثر عرضة للتأثر بالعوامل الخارجية.
يمتزج النقد البناء والهادف، الذي يسعى إلى التطوير، مع النقد العشوائي والمجرد. يصبح من الصعب على الإدارة التمييز بين المطالبات المشروعة والضغوط غير المبررة، مما قد يؤثر على اتخاذ القرارات السليمة.
النادي، بجميع مكوناته، يمثل واجهة في الداخل والخارج. الصورة السلبية التي يرسمها البعض عن الإدارة بسبب الانتقاد المستمر، قد تؤثر على جذب المواهب، ورعاة الأعمال، وحتى على نظرة المنافسين.
إن حب الهلال يقتضي منا أن نكون عياريين حقيقيين، وأن نميز بين النقد الهادف الذي يخدم مصلحة النادي، وبين الانتقاد لمجرد الانتقاد.
الإدارة الهلالية، كأي إدارة، معرضة للخطأ والصواب، ولكن الحكم عليها يجب أن يستند إلى رؤية شاملة، وتحليل منطقي، ووعي بالظروف المحيطة. فمسيرة الهلال لا تبنى على الهدم، بل على التكاتف والثقة والدعم الواعي.
فلنتذكر أن الهدف الأسمى هو رفعة الهلال، وهذا لا يتأتى إلا بتوحيد الجهود، وتقديم النقد البناء في مكانه وزمانه، والابتعاد عن كل ما يضر بمسيرة هذا الكيان العظيم.
ها هي الإدارة الهلالية بقيادة الأستاذ الخلوق ستغادر المشهد بعد إعلان الرئيس الذهبي عدم تقدمه للترشح لرئاسة النادي عبر منشور رسمي من حسابه بمنصة X وإعلان دعمه الكامل والمطلق للمرشح القادم الذي أتمنى له التوفيق.
السؤال المطروح: هل ستتوقف تلك الأصوات المنتقدة وتجعل الإدارة الجديدة القادمة تواصل عملها وتكمل مسيرة النجاح الماضية بكل هدوء وتبرم العديد من الصفقات المهمة لتدعيم صفوف الفريق الأول لكرة القدم؟!.
قشعريرة
في عالم كرة القدم، لكل قصة نهاية، ولكل نجم سطوع ثم أفول. وبينما تتجه مسيرة بعض نجوم الهلال الكبار إلى محطتها الأخيرة، يبرز اسم ياسر الشهراني كأحد الأيقونات التي حفرت اسمها بأحرف من ذهب في تاريخ الزعيم.
لطالما كان الهلال رائدًا في تقدير أبنائه ورموزه. شاهدنا كيف تم توديع نجوم انتهت مسيرتهم بالهلال بقيمة السويدي ويليهامسون والروماني ميريل رادوي والفرنسي بافتمبي قوميز والبرازيلي كارلوس إدواردو والإيطالي سيبستيان جوفينكو والدولي عبدالله المعيوف والدولي محمد البريك والدولي سلمان الفرج والدولي نواف العابد وغيرهم من النجوم.
ياسر الشهراني ليس مجرد لاعب مر على تاريخ الهلال. هو ظهير أيسر لا يكل ولا يمل، مقاتل في كل كرة، رمز للعطاء المتواصل والتضحية لأكثر من عقد من الزمان.
مسيرته حافلة بالإنجازات والبطولات، أداء ثابت، وحضور مؤثر في اللحظات الحاسمة ، لقد كان وما زال قطعة أساسية في منظومة الهلال الدفاعية والهجومية، وساهم بشكل مباشر في صياغة العديد من الألقاب التي تزدان بها خزائن النادي. إصابته الأخيرة لم تكن مجرد إصابة للاعب، بل كانت ألمًا لكل مشجع هلالي، مؤكدة مكانته في قلوبهم.