محمد العويفير
ليس كل من يرحل يترك خلفه ضجيج الأسئلة، بعضهم يرحل والكل يصفّق، لا لأن الرحيل سهل بل لأن المرحلة قالت كلمتها، هكذا كان مشهد خروج الأستاذ فهد بن نافل من رئاسة نادي الهلال مشهداً يشبه النهايات المتزنة التي لا تشوبها ضوضاء ولا تُساق فيها الأعذار، رئيس رحل بعد أن صنع مع الهلال واحدة من أنجح الفترات في تاريخه، وترك النادي واقفًا على أرض صلبة ممتلئًا بالذهب، شامخًا بالأرقام والمنجزات.
رحيل الأستاذ فهد بن نافل عن رئاسة نادي الهلال ليس مجرد حدث إداري عابر، بل نقطة فاصلة في تاريخ مرحلة مليئة بالمنجزات والتحولات، فالرجل الذي تسلم دفة النادي في وقت كانت فيه التحديات على أشدها مضى وهو يترك خلفه سجلًا إداريًا يُحترم، وتجربة ستظل محل تقدير واسع من كل منصف.
قاد بن نافل الهلال بثبات ونقله إلى مستويات جديدة من التميز إداريًا وماليًا وفنيًا، فاز بالبطولات وأعاد رسم صورة الهلال ككيان رياضي يحتذى به على المستوى القاري، ووضع لبنة احترافية في إدارة الأندية لا يمكن إنكار أثرها، وخلال سنوات إدارته لم يكن الفريق مجرد منافس، بل كان الزعيم اسمًا وفعلًا.
ومع هذا النجاح جاءت خطوة المغادرة في توقيتٍ يبدو مثاليًا، فرغم الاحترام الكبير الذي تحظى به الإدارة السابقة إلا أن المزاج العام في البيت الهلالي كان مهيأ لتغيير يواكب متطلبات المرحلة القادمة، تغييرات لم تكن بدافع النقمة أو التقليل، بل بدافع الرغبة في التطوير، وفي تجاوز بعض الإخفاقات التي ظهرت مؤخرًا، وهو أمر طبيعي في كرة القدم، ولكنه لا يمر مرور الكرام في نادٍ بحجم الهلال.
المرحلة الحالية تتطلب نوعية مختلفة من العمل، وأسلوبًا إداريًا يتماشى مع تعقيدات المرحلة وطموحاتها، هذه المرحلة لم تعد تحتمل التردد أو الاستمرارية في النمط ذاته، بل تحتاج إلى مجلس إدارة جديد يحمل أفكارًا مختلفة، وآليات تنفيذ مرنة، ويملك الجرأة في اتخاذ قرارات مصيرية تعيد التوازن الفني، وتُكمل ما بدأته الإدارة السابقة على المستوى المؤسسي.
نحن الآن أمام مرحلة تحول، والهلال بحاجة إلى عقلية ترى الأمور من زاوية مختلفة، وتتعامل مع متغيرات الرياضة الحديثة بكفاءة أعلى، ووضوح أكبر في الرؤية.
رسالتي
إن كان الغياب مدروسًا، فإن الحضور المنتظر -إن كان بقامة الأمير نواف بن سعد- فهو عودةٌ للفكر، وامتدادٌ للمجد، وتجديدٌ للهيبة. الهلال لا يُخاف عليه ما دام خلفه رجال يعرفون تاريخه، ويكتبون مستقبله بوعي الكبار، فالهلال وُلد زعيماً.
** **
- محلل فني