سلمان بن محمد العُمري
الوفاء من شيم الكرام والجحود من سمات اللئام، وقد حثنا النبي -صلى الله عليه وسلم- على أن نكون من أهل الشكر والوفاء فقال: «لا يشكرُ اللهَ من لا يشكر النّاس»، وفي الحديث أيضاً: «مَنِ استعاذَ بالله فأعيذُوه، ومَنْ سألَ بالله فأعطُوه، ومَن دعاكم فأجيبُوه، وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ».
الوفاء لا يقتصر على الأفراد فحسب بل يشمل المجتمعات والشعوب والدول والأمم، وهو يجسد شرف النفوس وسماحتها، والعكس كذلك، وفي أحوالنا البشرية نجد أصنافاً من الناس تتفاوت في الخصال الطيبة بل إن هناك من حُرم منها.
وهذه رسالة وردت في إحدى منصات التواصل الاجتماعي كتبها أحد الأوفياء ممن يحفظون الجميل ويقدرون المعروف ومن الشاكرين وهو الأخ حذيفة فريد من باكستان، إذ يقول في رسالته التي يعبر فيها عما يكنه لبلادنا الغالية المملكة العربية السعودية:
كشخص ولد ونشأ في أكبر دولة في الخليج، وأعني بها المملكة العربية السعودية.. أود قول التالي:
هاجر جدي رفقة والدته إلى السعودية في 1965، بمكة دُفن هو وأمه، في السعودية ولد والدي وأخواته، وفي مكة نشأ وترعرع، في مكة ولدت بها ومكثتُ حتى عدت لباكستان في منتصف 2017 تاركاً خلفي أكثر من ربع قرن من الذكريات.
كم للسعودية علي من حسنات؟ لا أستطيع العد ولا الإحصاء.. تعلمت وأخواتي في مدارس المملكة، لم ندفع ريالاً واحداً، تخرجت من جامعة الطائف ولم أدفع ريالاً واحداً، تعلمت في مدارسها حب فلسطين، وتعلمت في مدارسها حب القضية الفلسطينية، تعلمت فيها أننا أمة واحدة، الشوكة يُشاكها المسلم، يتألم لها كل المسلمين.
تعلمت فيها حب الغير وتمني الخير للجميع، لا حِقد ولا حسد ولا بغضاء، ولي فيها من الأصدقاء والإخوة لو قلت أكثر مما لدي في باكستان ما كنت كاذباً.
عرفت عن خير السعودية ومحبتها حين عدت لباكستان، إذ رأيت من وقفاتها معنا في كل صغيرة وكبيرة ما يُدهش، فلم تمر بنا نازلة إلا كانت السعودية أول الداعمين والمساندين... إلخ ما جاء في رسالته.
الناس في الوفاء ليسوا سواء فهناك من وُلد في بلادنا وجاء جده إليها إما هارباً أو عاملاً، ووالده تعلم حتى الجامعة وبلا مقابل بل كان يأخذ مكافأة من الجامعة مثله مثل الطلاب السعوديين، وأصبح الأب وأبناؤه ممن ينبحون صباح مساء على بلادنا ومتنكرين لفضلها وخيرها عليهم، وهناك ممن تم استقبالهم في ظروف صعبة وتمت معالجتهم أو مساعدتهم، وهناك من تم استضافتهم في الحج والعمرة عدة مرات ولكنهم أصبحوا كالكلاب الضالة التي تنبح حتى على من يحسن إليها.
هذا أنموذج حسن للوفاء وهناك من أمثال الأخ الكريم من يعبرون عن شكرهم للمملكة قيادة وشعباً والشكر والثناء لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله - وتقديرهم لذلك كتابة أو بالدعاء الصادق، وما تقدمه المملكة العربية السعودية لا تنتظر عليه الشكر والثناء، وقد استدعى انتباهي وأنا أقرأ لناكري الجميل بعض إساءتهم لبلادنا ونكرانهم لجميلها.