محمود أحمد منشي
قطار العمر يمضي بكل ما فيه من خير وشر، فكن من الذين وفقهم المولى عز وجل في سلوك طريق الخير والفلاح.. يبحث فيه عن أمر ما يهم المجتمع الذي نحن جزء منه بغية إصلاح موضوع، حالة تلامس شريحة عريضة في المجتمع سواء في بلادنا أو أي مجتمع آخر. ما أريد أن اتطرق إليه وينصب عليه مقالي (العتب وما أدراك ما العتب). العتب في جوهره ليس بمعنى خصومة بل هو رسالة ناعمة تقول: أنت فلان تعني لي الكثير لذلك يؤذيني ما يصدر عنك ولهذا يرى الكثيرون أن العتاب دليل محبة واهتمام وحرص على بقاء العلاقة، لكن حين يتحول العتب إلى عادة دائمة ومتكررة على أتفه الأمور فإنه يفقد معناه ويتلاشى بريقه ويصبح عبئا ثقيلا على الطرف الآخر. عتابك يكون ذا جدوى ويأتي بثماره إذا حصل بينك وبين الشخص الذي يهمك أمره ليس أمام العامة وبطريقة لائقة. ليس بمستحسن أن تعاتب كل شخص تقع عينك عليه، ربما تلقى ردة فعل غير مرضية لك فاحذر هذا الجانب. عتبك لمن ترى أنه يقبل منك وليكن بالطريقة التي ذكرناها آنفاً.
العلاقات البشرية تحتاج إلى توازن، فالعتب الجميل هو ذلك الذي يأتي بهدوء بعيدا عن الاتهام أو رفع الصوت هو عتاب يصحح لا يجرح يعيد الأمور إلى نصابها دون أن يشعر الطرف الآخر بالذنب الدائم. لكن حينما يصبح العتب دائما على كل تصرف وكل غياب وكل كلمة يتحول من وسيلة تواصل وإصلاح إلى سلاح يرهق العلاقة ويضعفها. عندما تكثر من العتب قد يبعث برسالة غير مقصودة أنت لا تفعل ما يكفيني بمعنى تصرفك ما زال لا يروق لي. أخي رسالتك وصلت وأديت المطلوب دعه وشأنه لا تكن فظاً في عتابك لقوله تعالى: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}، فكن هيناً ليناً في تعاملك لكي يكون لك قبول وأذن صاغية وإن اتخذت الطريقة التي فيها حدة ينفر منك صديقك، والجميع ومع الوقت يبدأ الانسحاب النفسي والعاطفي من العلاقة وهكذا بدل أن يصلح العتاب يهدمها تدريجياً. قبل أن نعاتب يجب أن نتساءل: هل أسأنا الفهم؟ هل الطرف الآخر مشغول متعب يمر بظرف ما؟
كثير من العلاقات تفتر لأننا نفسر الصمت أو الغياب على أنه تقصير متعمد بينما قد يكون له أسباب لا نعرفها. قليل من التريث وكثير من حسن الظن قد يغنينا عن كثير من العتب.
العتب لا بد له في العلاقات القريبة ولكنه كالتوابل إن زاد عن حدّه أفسد الطبخة، فليكن العتاب على قدر المحبة وبأسلوب يصلح لا يجرح، فبعض القلوب لا تحتمل تكرار العتاب حتى وإن كنت تحب بصدق وآخر.. دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.