د. سطام بن عبدالله آل سعد
قبل يومين، أصبح فهد بن نافل رئيساً لنادي النصر، وذلك على أعقاب استقالته من رئاسة نادي الهلال، فقد اجتمع مع الإدارة الجديدة، وناقش مع رونالدو وجيسوس عقود اللاعبين وصفقات الموسم، وحدّد المعسكر الإعدادي، ورسم رؤية شاملة للنهوض بالنادي. كان هدفه واضحًا: دوري روشن، دوري أبطال آسيا للنخبة، ثم كأس العالم للأندية. قال ابن نافل حينها: (لا يكفيني الدوري، أريد آسيا، أريد للعالم أن يرى النصر بنسخة لا تُنسى).
تحرّكت الإدارة النصراوية كما لم تفعل من قبل، أعادت هيكلة الفريق، ضخت دماءً جديدة، وحددت خطة خمسية طموحة تُبنى على الاحترافية لا العاطفة، وعلى التقييم لا المجاملة.
ثم استيقظت.. كان حلمًا.. لكنّه أيقظ في داخلي سؤالاً أثقل من الحلم نفسه: لماذا لم يترشح ابن نافل لرئاسة الهلال؟ وهنا توقفت طويلاً. ليس لأن الهلال خسر رئيسًا ناجحًا فحسب، بل لأن الرياضة السعودية بأكملها خسرت عقلاً استثنائيًا، وكفاءة وطنية نادرة، ورؤية رياضية قادرة على تشكيل مستقبل مختلف.
ابن نافل كان مشروعًا لإدارة رياضية احترافية، توازن بين العمق الإستراتيجي والعمل المؤسساتي، وتؤمن بأن الإنجاز الحقيقي لا يحتاج إلى ضجيج. ومن البطولة 59 إلى البطولة 70، كانت رحلة فهد بن نافل مثالاً عملياً لانتقال إدارة الأندية من العشوائية إلى المهنية، حيث قاد الهلال خلال ست سنوات لتحقيق 12 بطولة، و4 مشاركات عالمية، ووصافة كأس العالم للأندية. هذه الأرقامٌ تعكس حجم الإنجاز، وتكشف عن نهج إداري متماسك، وقيادة واعية تعرف ماذا تريد، ومتى وكيف تحقق ذلك.
إنّ غياب أمثال ابن نافل عن مشهد الرياضة السعودية، يقرع جرس إنذار رياضي وطني: كيف يمكن أن نخسر طاقاتنا الفذّة بهذه البساطة؟ وكيف نغفل عن حمايتهم وتمكينهم وتمديد تأثيرهم خارج أسوار أنديتهم؟
لا أحد يطلب من ابن نافل البقاء إلى الأبد، لكن المنطق يقول: لا تترك لاعباً يسجل في كل مباراة، إلاّ إذا كنتَ تمتلك فريقًا كاملاً مثله، وهذا لم يحدث بعد. لهذا، فإن استقالته تُعد خسارة وطنية رياضية قبل أن تكون خسارة هلالية، فهو حتى الآن النموذج الأفضل والأبرز في رئاسة الأندية السعودية، بشهادة الإنجاز لا المجاملة.