أ.د.عثمان بن صالح العامر
قبل خمسة وثلاثين عاماً، وعلى وجه التحديد الساعة الثانية من فجر يوم الخميس 2 أغسطس 1990، 11 محرم 1411هـ بدأت القوات العراقية غزو دولة الكويت المجاورة لهم، واستولت عليها بالكامل في غضون يومين تقريبًا، وكان غالبية الكويتيين خارج بلادهم يقضون إجازتهم الصيفية سياحة في بلاد عديدة معروفة خاصة (لندن، القاهرة)، كنت حينها سائحاً في جمهورية مصر العربية، وأسكن فندق شيراتون المنتزه بالإسكندرية ورأيت طرفاً من ردة الفعل والهلع الذي أصاب العوائل الكويتية جراء الخبر الذي نزل عليهم كالصاعقة خاصة بعد أن أزيل سعر صرف الدينار الكويتي من شاشة عرض عملات التداول ورفض الفندق الصرف لهم في ذلك اليوم. وفي ظهر اليوم التالي جاءهم الأمر الأميري بالتوجه لفنادق محددة في العاصمة القاهرة تملك حصة من رأس مالها الحكومة الكويتية والسكن والإعاشة وجميع تكاليف الإقامة مهما طالت مجاناً لكل من يحمل الجنسية الكويتية حتى يأتي توجيه جديد.
وللتاريخ فإن الموقف الذي غيَّر الموازين وقلب الطاولة على الرئيس العراقي آنذاك (صدام حسين) موقف خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- من هذه الحرب، إذ ألقى -رحمه الله- في 9 أغسطس 1990، خطابًا تلفزيونيًا شهيراً ندَّد فيه بغزو العراق وطالب بانسحابه الفوري وغير المشروط، ووعد بإعادة الشيخ جابر أميراً للكويت، وفي ذات الخطاب شكر الدول الصديقة (خاصة أمريكا وبريطانيا) التي استجابت لطلب العون من المملكة العربية السعودية.
وفي خضم هذه الأحداث الجسام وعلى أثر هذا القرار الصارم الحازم العازم من قبل قيادتنا الحكيمة المتمثِّل بـ(الاستعانة بالقوات الأجنبية) أصدرت هيئة كبار العلماء فتوى شرعية تُجيز الاستعانة بالقوات غير المسلمة (مثل القوات الأمريكية والأوروبية) لصد العدوان وإزالة الظلم عن المسلمين، معتبرةً أن ذلك «واجب» لا يجوز تأخيره، طالما كانت الغاية الدفاع عن المسلمين وبلاد الحرمين الشريفين وليس الاستيطان.
ومن بين ما اتخذ من توجيهات وأوامر ملكية إبان الغزو:
* استضافت المملكة النازحين من الكويت، وقدمت لهم الرعاية الطبية والغذائية، وأذكر جيداً أننا حين عدنا من الإجازة مع بداية العام الجامعي كان السكن الطلابي بأكمله، الموجود داخل حرم كلية المعلمين بحائل تسكنه عوائل كويتية. كما أمر الملك فهد -رحمه الله- بمنح الوقود مجانًا للسيارات التي تحمل لوحات كويتية خلال تلك الفترة. وفي ذات الوقت لعبت المملكة دورًا محوريًا في توفير القاعدة اللوجستية لقوات التحالف (من العواصم الجوية والبرية إلى الإمدادات).
وعلى أرض الواقع وفي ميدان المنازلة والحرب بدأت عملية درع الصحراء في أغسطس 1990، حيث بدأت القوات المتحالفة دخول المنطقة. وبعد تجميع القوات وتحركات دبلوماسية، أطلقت العملية العسكرية (عاصفة الصحراء) في 17 يناير 1991 بقصف جوي مدمر يليه تقدم بري سريع، وأسفرت عن تحرير الكويت بحلول 28 فبراير 1991م، حفظ الله وطننا العزيز المملكة العربية السعودية، وبلاد خليجنا، والبلاد العربية والإسلامية، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء، والسلام.