أحمد بني قيس
من الصعب النظر إلى الكيان الإسرائيلي باعتباره مجرّد دولة حديثة النشأة جاءت في سياق طبيعي لتطوّر الشعوب وتشكّل الأمم فإسرائيل تمثل حالة سياسية فريدة لا تُفهم خارج إطارين مترابطين: الهدف الأيديولوجي الذي تبنّته الحركة الصهيونية والدور الاستراتيجي الذي تقوم به ضمن منظومة المصالح الغربية وخاصة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
فبالنسبة للهدف الأيديولوجي نجد أن الصهيونية ترتكز في منطلقاتها الفكرية على مزاعم دينية وتاريخية مفادها أن فلسطين هي «أرض الميعاد» التي يجب أن تُقام عليها دولة يهودية وقد استثمرت الحركة الصهيونية الاضطهاد الذي تعرّض له اليهود في أوروبا لتسويق هذا المشروع كحل إنساني بينما هو في حقيقته مجرد توجه استيطاني إقصائي لا أكثر.
أما الدور الاستراتيجي فترسّخ منذ لحظة إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 حيث لم تكن هذه الدولة مجرّد كيان مستقل بل أداة وظيفية للغرب في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية وهذا الدور جعل إسرائيل تمثل قاعدة متقدمة للمصالح الغربية والأمريكية قاعدة في نظرهم يجب حمايتها والحفاظ عليها.
ختاماً إن إسرائيل كيان لا يُفهم إلا من خلال إدراك البُعدين الذين قام عليهما: الهدف الأيديولوجي الصهيوني والدور الوظيفي الاستراتيجي كما أسلفت ومتى ما جرى تفكيك هذا الترابط أمكن فهم طبيعة الصراع مع إسرائيل على نحو أكثر عمقاً وأكثر بعداً عن التسطيح السياسي وأكثر قرباً لجذور المسألة التي تمس باختصار عاملين وجوديين هما الهوية والسيادة.