خالد بن عبدالرحمن الذييب
ظهر مصطلح الفومو FOMO عام 2004م، عن طريق الكاتب والمستثمر الأمريكي باتريك ماكجينيس، وكان حينها في الثامنة والعشرين من العمر، واعتُمد في قاموس أكسفورد عام2006م، إلا أن بدايات المصطلح الأولى كمفهوم كانت عام 1996م على يد استراتيجي التسويق حينها الدكتور/ دان جيرمان، وهي اختصار للكلمة الإنجليزية ((Fair Of Missing Out الخوف من فوات شيء، وهي حالة قلق تنشأ عند الإنسان عندما يدرك أنه فوّت بعض التجارب الممتعة، أو أنشطة اجتماعية مر بها آخرون، وذلك بالمقارنة مع الآخرين.
ويعزوها غالبية المتخصصين إلى التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي تعتبر البيئة الخصبة لهذه الظاهرة بسبب سهولة الاطلاع على تجارب الآخرين ودورها في توليد ظاهرة الفومو.
ولكن ما يغفل عنه البعض هو أن مدارس التخطيط العمراني وتوجهاته الحديثة قد تكون أحد الأسباب أيضاً. فالمدن الحديثة بتخطيطها والتي تدعم تنوع الخيارات، قد تجعل الإنسان يعيش حالة من التشتت الذهني والقلق النفسي لملاحقة هذه الخيارات وتتبع الأفضل منها، فقي الوقت الذي كان الناس فيه في الماضي يكتفون بالمتاح في نطاقهم المكاني المحدد، فإن المدن حالياً بخياراتها المتعددة، تجعل الإنسان في حالة بحث عن «الخيار الأفضل».
هذه الأفكار التي نأخذها من مشاهير منظري التخطيط العمراني مثل جين جاكوبس الأمريكية، والدانماركي جان جيل، والذين ركزوا كثيراً على فكرة التنوع الحضري وكثرة الخيارات التخطيطية والتصميمية للناس، أعتقد سيكون لها دور فيما يمكن تسميته بـ«فومو المدن»، وهو الاعتقاد أنك إذا كنت في مكان ما فأنت لست في المكان الأفضل، فإن فوّت شيئاً فأنت دائماً تفوّت الأفضل.
فالتنوع والخيارات التي يركز عليها كثير من مصممي المدن باعتبارها نجاحا للمدينة، شخصياً لست ضدها إجمالاً، ولكن أعتقد أن الجانب السلبي لها قد تحول إلى أداة ضغط على السكان، فيجد الفرد نفسه في ركض دائم لمواكبة الأنشطة الجديدة، وزيارة ما لم يتم زيارته، وإن لم يقم بزيارة مكان ما أتته حالة الفومو التخطيطي.
هذه الحالة، قد تجد لها بيئة أكثر خصوبة في المدن الكبرى ذات الخيارات الصاخبة والمتنوعة، لذلك أتساءل من جهة أخرى: هل مدن الـ15 دقيقة تكون حلاً لهذه المشكلة المتوقعة.
أخيراً..
«فومو المدن» حالة سلبية لخطط إيجابية.
ما بعد أخيراً..
عن الفومو.. ما أصابك لم يكن ليخطئك
وما أخطأك لم يكن ليصيبك.