«الثقافية» - كتب:
صدر كتاب: (رجل دولة.. الشيخ إبراهيم العنقري)، في (194) صفحة من القطع الكبير، وهذا الكتاب يرصد سيرة الشيخ: إبراهيم بن عبد الله بن عبد العزيز العنقري -رحمه الله-، وزير الإعلام ووزارة الشؤون البلدية والقروية الأسبق، والمستشار في الديوان الملكي، ولد في ثرمداء بمنطقة الوشم وتوفي فجر الاثنين 14 يناير 2008م، في مدينة جنيف عاصمة سويسرا عن عمر يناهز 80 سنة حيث قضى 55 سنة في خدمة الدولة، درس العنقري مراحل التعليم العام في مدينة الرياض، التي انتقل إليها من قريته باكراً، واختبر في مدرسة تحضير البعثات في مكة المكرمة، ثم أُبتعث إلى مصر وتخرج عام 1952م، 1371 / 1372هـ من كلية الآداب بجامعة القاهرة ثم درس اللغة الإنجليزية والعلاقات الإنسانية في جامعة كولومبيا بنيويورك وجامعة فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 1373هـ عين مساعدا لمدير عام مكتب وزير المعارف قبل أن يصبح مديرا عاما للمكتب. ثم انتقل إلى وزارة الخارجية، حيث عمل رئيسا للمراسم فيها، وبعد ذلك عمل ضمن وفد المملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة (الدورة السادسة عشرة) فمستشارا في سفارة المملكة العربية السعودية في واشنطن، وفي عام 1962م الموافق 1382هـ عين وكيلا لوزارة الداخلية ورأس لجنة الضباط في الوزارة إلى جانب رئاسته لجنة الترشيح لمنح الجنسية بوزارة الداخلية فضلا عن رئاسة لجنة صحة البيئة، في عام 1970م الموافق 1390هـ صدر أمر ملكي بتعيينه وزيرًا للإعلام وظل يشغل هذا المنصب حتى عام 1395 هـ، كما أنه كان أحد أعضاء اللجنة العليا لسياسة التعليم وعضوا في اللجنة العليا لرعاية الشباب، وعين وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية خلال الفترة من عام 1395هـ، إلى عام 1404هـ ثم عين وزيرا للشؤون البلدية والقروية خلال الفترة من عام 1404هـ إلى عام 1409هـ إلى جانب عضويته في المجلس الأعلى لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن والمجلس الأعلى للدفاع المدني والرئيس الأعلى للمعهد العربي لإنماء المدن، وفي عام 1989 الموافق 1409هـ صدر أمر ملكي بتعيينه مستشارا بالديوان الملكي، وفي عام 2006م الموافق 1427هـ صدر أمر ملكي بإعفائه من منصبه بناء على طلبه ولظروفه الصحية بأمر من الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله-، وقد حفلت سيرة هذا الرجل بالكثير من المحطات التي أثرى فيها العمل الحكومي، فكانت هذه السيرة نبراسًا لكل من يريد الإنجاز والعمل الجاد، ون باب البر حرص ابن الفقيد مازن بن إبراهيم العنقري، على رصد سيرة والده العطرة في كتاب صدر هذا العام بحلّة قشيبة، وعلى ورق مصقول فاخر، ودعّمت هذه الطبعة بملحق للصور جاء بعد الفصل السابع، وقد امتازت هذه الصور بدقة عالية ووضوح جعل هذا الكتاب ينفرد عن غيره من الكتب السِّيرية.
وقدم نجل الفقيد في مقدمة هذا الكتاب سبب تأليفه بقوله: «إثر رحيل الوالد -رحمه الله- يوم الاثنين 1439 / 1 / 5هـ الموافق 2008 / 1 / 14م ومواراته الثرى في مكة المكرمة، وبعد أن تجاوزت العائلة والأصدقاء والمحبون مرارة الفراق، اجتمع عدد من الأوفياء في منزلنا داعين إلى توثيق سيرة الوالد في كتاب يجمع بين دفتيه مسيرته الزاخرة. وقد مرت الخطوات التنفيذية لمشروع الكتاب بمراحل، انتهت إلى إسناد العمل لفريق مختص، يراعي الأخذ بالمنهجية العلمية والموضوعية في تناول سيرته، بحيث تشمل رصداً وتوثيقاً لمراحل التطور الإداري الذي شهدته بلادنا في المرافق التي تولى الفقيد إدارتها ، امتداداً لجهود من سبقوه من وزراء أرسوا دعائم تلك الوزارات وأسهموا في تطويرها ونموها، ولذلك سيرى القارئ الكريم قدراً كبيراً من المعلومات التوثيقية في ثنايا هذه السيرة ضمن سياق تاريخنا الوطني.
لم يكن الباعث وراء إصدار هذا الكتاب مجرد رغبة ابن في أن يبر أباه، أو نظم قصائد مديح ورثاء تنوه بسيرة رجل أسهم في نهضة البلاد، لكن القصد منه كان بيان ما للعمل الدؤوب والتفاني من أثر عظيم في تحقيق أماني قادة هذه الدولة المباركة، ورغبات أبنائها في حضور حضاري وثقافي واجتماعي مميز بين أمم الأرض، لتكون سيرة هذا الرجل نبراسا لكل من يود خدمة وطنه، فالوالد -رحمه الله- آثر الفعل على القول، وعمل بجد وإتقان وصمت ونزاهة وإخلاص، والواجب يقتضي منا أن نشير إلى دوره الرائد في العديد من المجالات فكان قائما على تنفيذ الخطط والسياسات الحكيمة لملوكنا وقادتنا. لذلك ركز الكتاب على الجهد الذي قدمه، والأثر الذي تركه في مختلف المناصب التي تولاها، والتي كانت تتصف في كثير منها بكونها مسؤوليات تحملها في ظروف حرجة، أو مسؤوليات تأسيسية لمرافق جديدة. لذلك فإن تتبع سيرته تعني أيضاً رصد التحولات والتغيرات التي حدثت خلال نصف قرن، حافلة بإرهاصات الأوضاع الدولية والإقليمية والمحلية.
رحم الله الوالد الشيخ إبراهيم، وأسكنه فسيح جناته، إنه جواد كريم.. والشكر لكل من أسهم في إنجاز هذا العمل من المحبين والإخوة في فريق إعداد هذا الكتاب، والله الموفق».
كما ضم هذا الكتاب تمهيدًا بقلم الدكتور: عبداللطيف بن محمد الحميد، الذي كشف عبر خبرته العلمية قيمة هذه الشخصية، وأهمية تدوين سيرتها حيث يقول: «البحث في سير الشخصيات والأعلام، ليس مجرد تكريم يستحقونه إنما هو واجب وطني على أي مجتمع يود أن يراكم خبراته من أجل غد أفضل، لذلك كانت كتب الأعلام والسير الشخصية طوال التاريخ تنقل المعارف والتجارب عبر الأجيال لتستفيد من عبرها ودروسها، وخير السير كانت سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، التي ساعدت الأمة الإسلامية على تمثل نهجه العظيم في الحياة والفكر والعبادة، فلولا سيرته العطرة لاحتارت الأمة في جل شؤونها ، ومن بعده صلوات الله وسلامه عليه، كانت سيرة الصحابة رضي الله عنهم وسير التابعين والعلماء والأئمة والقادة والعلماء خير معين لاستجلاء معاني العز والإتقان والعمل على رفعة المجتمعات والبلدان وما من مكتبة تخلو من السير ذلك أنها جزء أصيل من المعرفة الإنسانية، تنقل صورة واقعية لفكر يتجسد سلوكاً ويتفاعل مع الحياة بأوجهها ، فيقدم دروساً بليغة للأجيال اللاحقة عن معاني التميز والريادة، ولذلك أيضاً تشكل السير الشخصية جزءاً أصيلاً من التاريخ ومناهجه التي تتقصى الأحداث من خلال الأشخاص وما ورد عنهم.
نهضت المملكة من قرونها الماضية نهضة قوية في عالم فتي متطلع، وكان يجب أن تغادر بساطة الحياة التي غمرتها طوال التاريخ، إلى دولة لها مكانتها وحضورها بين الدول، فبعد أن وحدها القائد العبقري الملك عبد العزيز رحمه الله، بدأت بتكوين الدولة الحديثة المسيرة التي تابعها من بعده أولاده الملوك، وفيها اختاروا خيرة الرجال من أجل تحقيق هذه الآمال، فنمت الدولة وتكاملت مرافقها وخطت بثقة نحو المستقبل لتكون جزءا فاعلا من المجتمع الدولي، من هؤلاء الرجال معالي الشيخ إبراهيم بن عبد الله العنقري، لذلك فإن البحث في سيرة الشيخ العنقري لم تأت من باب تكريم يستحقه فحسب، إنما من أجل تأمل تجربة مسؤول كان يبدع في كل مسؤولية تلقى على كاهله.
ثمة تصور كان حاضراً عند فريق الإعداد بأنهم يبحثون في سيرة شخص استثنائي ومع ذلك كانت الدهشة تتسع كلما تم البحث في جانب جديد أو مسؤولية أخرى، فالشيخ العنقري الذي نشأ نشأة عصامية، أظهر نبوغا مبكراً في تحمل المسؤولية فتدرج في مراقيها بجدارة واستحقاق، وخلال مسؤولياته المتعددة كان المثل الأعلى لكل مرؤوسيه بما جبل عليه من حب العمل، وبما يحرص عليه من الانتظام والدقة والدأب والجد والنزاهة، لذلك كانت مسؤولياته تؤدى بسلاسة وإتقان، على الرغم من الظروف الدقيقة والتحولات الكبيرة في المنطقة وفي العالم التي عايشها إبان هذه المهام المختلفة التي تقلدها موظفا ومديرا ووكيلا ووزيرا ومستشارا.
كان لإعداد هذا الكتاب ما ييسره وما يصعبه، ولا شك أن اهتمام نجله الأستاذ مازن العنقري ذلل العقبات، لكن ما يسر الأمر أيضا كثرة الإنجازات التي تمت في عهد هذا الرجل الفذ في مختلف الوزارات والمهام، وإن كان صمته وما عرف عنه من تفضيل العمل على القول من عوائق الاستزادة في ذكر مناقبه وأعماله.
ومنذ البداية كانت خطة الإعداد تنهج تقديم دراسة موثقة لشخصية مؤثرة خلال فترة تحولات مهمة، وإن كانت بعض المهام يمكن تغطيتها تغطية دقيقة لأنها تعود إلى وزارات توثق كل الإجراءات التي تتم في عهودها المختلفة، فإن المهام المبكرة التي اضطلع بها الشيخ العنقري كان توثيقها ورصدها أكثر صعوبة، لذلك لا يمكن الادعاء بالإلمام بكل أعماله ومناقبه، إنما هي محاولة جادة لتقديم صورة صادقة لروح المسؤولية، ووعي الإدارة، ودقة الاستشراف والتخطيط من أجل تكامل بناء الدولة ومرافقها بما يجعلها دولة عصرية متكاملة، ولا شك أن هذا الدأب والاجتهاد كانا وراء الثقة الكبيرة والمستمرة التي أولاها إياه ملوك البلاد الذين تعاقبوا على قيادة المملكة وسط الظروف المختلفة، والذين كان لهم الفضل - بعد الله سبحانه وتعالى - بما حققته المملكة من مكانة دولية ومن حضور في المشهد العالمي على مختلف الصعد الثقافية والاقتصادية والسياسية.
اجتهد المعدون من أجل توثيق المعلومات وجمعها وتنسيقها وصياغتها، لتكون لائقة بالشخصية التي يتحدث عنها الكتاب، ولتكون مادة للتاريخ، يتأملها كل ذي همة يبتغي خدمة دينه ووطنه بإخلاص وتفان وإتقان ونزاهة، والأمل أن يكون هذا الجهد قد حقق أفضل ما يمكن، فالعمل الببليوجرافي حسبه أن ينجو من اللوم.
كل الشكر لكل من قدم المساعدة على إنجاز هذه العمل ورحم الله الفقيد الغالي، والله ولي التوفيق. والحمد لله رب العالمين»، لقد أنصف هذا الكتاب الشيخ إبراهيم العنقري رحمه الله، فمن سيطلع على هذا الإصدار فسيتنقل بين بداياته الأولى، وسيرته العلمية، ومراحله الإدارية حتى يصل إلى نهاية مسيرته التي ودع فيها الحياة الدنيا بسيرة عطرة تتداولها الأجيال.