سلمان بن محمد العُمري
لم تعد مشاكل التقنية الحديثة وما يطرح فيها من غث وسمين وافتراء وهراء، وما تقدمه من خير وشر في المحتوى الذي يغلب عليه عبر السوشيال ميديا الانفلات الأخلاقي وانعدام الوعي، ولكن هناك مشاكل أخرى استجدت لدينا ولدى غيرنا يهم التنبيه عليها والتحذير منها، وخاصة لدى أوساط الشباب من البنين والبنات الذين يدفعهم الحماس والحيوية والعاطفة للمشاركة في الردود أو بث مقاطع وصور تدخل في نطاق الجرائم المعلوماتية، وغالب من يقعون في هذه المخالفات هم هذه الفئة العمرية إلى جانب غيرهم من الأشخاص غير المنضبطين في سلوكيات هم وتصرفاتهم العامة، وأصبحوا ينقلون غثاءهم ومشاكلهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي.
ونظام مكافحة الجرائم المعلوماتية صدر بمرسوم ملكي كريم رقم م-17 وتاريخ 8-3-1428هـ، وقد تضمن إيضاحًا وافيًا لما يتعلق بالجرائم المعلوماتية المتعددة التي لا تقف على عنصر واحد بل مجموعة من المخالفات التي تحدد الجريمة المعلوماتية وجزاءها.
ولن أتطرق لماهية النظام وما يتضمنه فالأمر يطول ولا يتسع المجال لسرده ولو موجزاً، ولكني أريد أن أنبه إلى قضية محددة فقط وهي المتعلقة بجوانب «الردود الانفعالية» عبر مواقع التواصل، فالبعض من حماسه لناديه أو لغيرته الدينية أو الاجتماعية للمدنية وللقبيلة ولغيرها من الانتماءات الخاصة قد لا يرتضي منشورًا في أحد المواقع، وتأخذه الحماسة بأن يقوم برد انفعالي فيه إساءة لصاحب المنشور، وهو مما يعد مخالفة في نظام النشر والجرائم المعلوماتية.
وللأسف بعض الكتاب والإعلاميين وحتى المحامين يتعمدون استفزاز الرأي العام أو شريحة من الناس ليتلقى الشتائم والردود القاسية ثم يجعلها وسيلة يتكسب من خلال تقديم الشكاوى عليهم.
يقول أحد الإخوة الإعلاميين كنت التقيت في إحدى الدوائر المختصة بمندوب قانوني وممثل للنادي الرياضي وتجاذبت معه أطرف الحديث، فقال لي إنه أتى لسحب دعوى مقدمة ضد شخص قذف أحد اللاعبين بعبارات خادشة، وقد اكتشفنا أن صاحب «التغريدة» آنذاك لا يتجاوز عمره الرابعة عشرة عاماً، ونحن الآن بصدد «سحب الدعوى»، ويقول أحد العقلاء إنني تعرضت يوماً للتنمر عبر مواقع التواصل بأسماء وهمية وأسماء حقيقية ولم آبه بها، وقد تفاجأت باتصالات عديدة من محامين يعرضون علي المرافعة على الذين قاموا بالإساءة وأنهم لا يريدون مقابل ذلك شيء، وإن الأتعاب ستكون على الذين سترفع عليهم القضية، وأن العوض المادي سيكون مقسومًا بيننا!
فاحترسوا أيها الآباء والأمهات وعلموا أبناءكم أنه ليس بالضرورة أن يقولوا رأيهم في كل أمر وشأن، وإذا ما أرادوا المشاركة في رأي فعليهم أن يحترموا أدب الحوار، ولا يلتفتوا لأي استفزاز عام أو خاص، وأن هناك مظلات رسمية يمكن التقدم إليها للتنبيه على أي مخالف للوائح النشر والذوق العام، ولكل من يمس الثوابت الشرعية واللحمة الوطنية.
أسال الله أن يحفظ الجميع، وأن يباعد بيننا وبين كل أذى وسوء.