عبدالله إبراهيم الكعيد
سبق أن كتبت هنا مقالاً بعنوان (غواية الترند)، تحدثت فيه عن أولئك الذين يقومون بإشهار أفعال لا يقوم بها سوى ناقص أهلية وعقل؛ لأن من يُفكّر مجرد تفكير في القيام بمثل تلك الأفعال فهو كمن يفكّر بالانتحار على مذبح السمعة.
كتبت عن الهدف غير المعلن لمنصات التواصل الجماهيري تلك التي أتاحت مساحاتها للجميع بلا استثناء. حذرتُ حينها ولا زلت أُحذّر بأن الهدف غير شريف على الإطلاق، فكما يظهر للعلن بأن المردود المادي غير النظيف هو المبتغى. نعم صحيح، يهدفون في المقام الأول للكسب المادي المهول بجانب أهداف أخرى موازية يعرفها الراصد لذاك التوالد المتوالي لتلك المنصات.
أقول: ليس بالضرورة أن يكون محتوى المنشور في تلك المنصات مُسيئاً للوطن أو المجتمع بشكل مباشر. فقد يؤثر مقطعاً تافهاً منحطاً في سمعة شعب بكامله. قيل إن الخير يخص والشرّ يعمّ. صحيح أنه من غير المنطق أن يُحكم على شعب أو مجتمع لوجود فرد أو عدة أفراد غير أسوياء، لكن الحاقد والمتربص يقوم بالتقاط الساقط من الغسيل القذر الذي ينشره بعض السفهاء لدينا ليعممه على المجتمع ويقول: «انظروا تلك أخلاق شعب المملكة العربية السعودية»!.
الجميع يعرف خصوصاً أولئك الذين ينشرون محتويات أقل ما يقال عنها سخيفة بأن القاصي والداني سوف يشاهدها، بل هم يهدفون ويسعون بكل الطرق كي يصل عدد المشاهدات إلى مئات الألوف إن لم يكن للملايين. ويدركون أيضاً في دواخل أنفسهم أن محتواهم غير أخلاقي وغير محترم حتى وإن لم يُصرّحوا بذلك، لكن (اللهاث) وراء الترند وبالتالي كسب الأموال يكتم صوت الحقيقة في دواخلهم ويعميهم حتى عن التفكير في أثر تلك الأفعال.
إن من يقوم/ تقوم بتصوير ونشر مواقف معيبة أخلاقياً أو يستخدم ألفاظاً خادشة للحياء أو أي فعل يخالف القيم الفاضلة ثم يتعمد استخدام لهجة يعرفنا بها الآخرون فإنه بذلك يُسيء لبلادنا ويُعرّض نفسه للعقوبة، ولكن من ينظّف صورتنا النقيّة بعد تشويهها.
صفوة القول: صحيح أن من ينشر محتوىً هابطاً في منصات التواصل الجماهيري يخسر احترامه وسمعته في الداخل بعد أن يلفظه المجتمع، ولكنه في نفس الوقت يكون قد شوّه سمعة الوطن؛ لأن من لا يعرفنا حق المعرفة لا يعتبره تصرفاً فردياً، بل يُنسب إلى ثقافة مجتمعنا.