د. إبراهيم بن جلال فضلون
حافظت المملكة على صدارتها للمنطقة باعتبارها الأعلى من حيث قيمة الاستثمار الجريء enture Capital في النصف الأول من عام 2025، باستثمارات ناشئة بلغت (3.2) مليارات ريال (860 مليون دولار)؛ لتتجاوز حجم الاستثمار الجريء في عام 2024 الذي شهد تنفيذ 178 صفقة، وهو ما يمثل 31% من إجمالي عدد الصفقات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما حافظت المملكة على صدارتها في المنطقة باعتبارها الأعلى من حيث قيمة الاستثمار الجريء للسنة الثانية على التوالي، في انعكاس لما تشهده المملكة من تطور في مختلف القطاعات الاقتصادية والمالية في ظل رؤية المملكة 2030، وأهدافها لتعزيز الاقتصاد الوطني، منذ أن حققت المملكة خلال عام 2023 مراكز متقدمة على مستوى دول مجموعة العشرين، من حيث صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر حيث جاءت في المرتبة الـ11، والمرتبة الـ16 من حيث رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر، بينما كان عام 2022 قد شهد تنفيذ استثمارات بقيمة قياسية بلغت 3 مليارات و701 مليون ريال (987 مليون دولار) في شركات ناشئة سعودية، محققاً نمواً بنسبة 72% مقارنة بعام 2021. لقد ارتفع تصنيف السعودية الائتماني إلى «A+» مؤخرا من قبل «ستاندرد آند بورز»، وهو ما أثر إيجابيًا على الاستثمارات في المملكة بعدة طرق أولها: زيادة الثقة الدولية، وثقة المستثمرين الدوليين في السوق السعودي. ونجاح المملكة في تحقيق أهداف رؤية 2030، وبالتالي فقد جاء تقرير (MAGNiTT)، وهي منصة متخصصة في بيانات الاستثمار الجريء في الشركات الناشئة، إن المملكة استحوذت على الحصة الأكبر التي بلغت (56%) من إجمالي الاستثمار الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في النصف الأول من عام 2025، بل حققت رقمًا قياسيًا في عدد صفقات الاستثمار الجريء خلال النصف الأول من العام الذي شهد تنفيذ (114) صفقة، مما يؤكد جاذبية السوق السعودية، ويعزز بيئتها التنافسية، ويرسخ قوة اقتصاد المملكة كأكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ولا ننسى الهدف الجريء للحكومة الريادية ورؤيتها بمساهمة كُبرى من صندوق الاستثمارات العامة من خلال تأسيس الشركة «السعودية للاستثمار الجريء» في 2018 وبرأسمال 1.5 مليار دولار، لينعكس الأمر على زيادة مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في الناتج المحلي الإجمالي، ليصل إلى 5.7%، ورفع نسبة القطاع الخاص من 40% إلى 65% بحلول عام 2030م، لتتربع بقدراتها المملكة ضمن أكبر 15 اقتصادا في العالم. نتيجة الحراك الاقتصادي والاستثماري التي تشهده المملكة بدعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي العهد -حفظهما الله- من خلال الاستمرار في قيادة تحفيز وتطوير القطاع بتحفيز المستثمرين من القطاع الخاص لتوفير الدعم بدورهم للشركات الناشئة والمنشآت الصغيرة والمتوسطة لتصبح قادرة على النمو السريع والكبير، وكذلك إطلاق العديد من المبادرات الحكومية المحفزة لمنظومة الاستثمار الجريء والشركات الناشئة، والتي دعمتها آخر البيانات الصادرة عن البنك المركزي السعودي ساما، بزيادة قيمة الاستثمارات الأجنبية داخل الاقتصاد السعودي إلى 2790.7 مليار ريال بنهاية الربع الثالث 2024، وبارتفاع قدره 19% مقارنة بنفس الفترة من عام 2023، حيثُ تتوزع الاستثمارات الأجنبية على الاستثمار الأجنبي المباشر والذي يمثل 33% من الإجمالي، ما يعادل 934.5 مليار ريال، وبالمقابل نجد استقرار معدل التضخم السنوي في المملكة نسبيًا بلغ 2.3% خلال شهر يونيو 2025 مقارنة بعام 2024، كما استقر مؤشر أسعار المستهلك في شهر يونيو 2025م عند نسبة 0.2% مقارنةً بشهر مايو 2025م على أساس شهري. إذاً استقرار سلاسل الإمداد «اللوجستيات» في المملكة، وعلاقاتها الوثيقة مع المنظمة البحرية الدولية، كان له الأثر البالغ في استقرار التضخم عن 2.3%، لنرى منظومة النقل وخدماته اللوجستية محط أنظار، أخرها أن الأسطول البحري السعودي هو الأكبر في المنطقة والمرتبة العشرين على مستوى العالم حيثُ شهد تقدما بنسبة 80% خلال العامين الماضيين، كما ارتفع عدد البحارة السعوديين بنسبة 23%.. وبالتالي هي عامل حاسم في تحقيق الربحية والتنافسية، إذ تمثل جزءًا أساسيًا من استراتيجيات الشركات الحديثة.
وأخيراً: تسهم الرؤية في أن يكون موقع المملكة فاعلًا، لتصبح مركزًا رئيسًا للتجارة الدولية، والاستثمار الجريء كأحد أهم المجالات الجديدة إلى تعد بيئة خصبة وجاذبة، تقود إلى تنويع الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف رؤية 2030، عبر جهود عديدة ومتنوعة، وهو ما يعكس الحراك المنظم الذي يشهده الاقتصاد السعودي وخاصة بعد تعزيز كفاءة أداء صندوق الاستثمارات العامة ودوره المهم في الاقتصاد الوطني للوصول إلى اقتصاد مزدهر، يقود نحو وطن طموح، ومجتمع حيوي.