علي حسن حسون
شهدت مدينة الرياض خلال الأشهر الماضية تطورًا لافتًا في منظومة النقل، خصوصًا بعد تشغيل مشروع قطار الرياض الذي مضى على انطلاقه نحو ثمانية أشهر. وقد مثّل القطار نقلة نوعية في وسائل التنقل داخل المدينة، إذ وفّر خيارًا مختلفًا تمامًا عن الطرق الرئيسة، من خلال مسارات خاصة بعيدة عن زحام السيارات، مما ساهم في تسهيل حركة السكان ومنحهم تجربة تنقل أكثر راحة وسلاسة. هذا التطور لم يقتصر على القطار فحسب، بل رافقه توسّع ملحوظ في خدمات حافلات النقل العام، التي باتت تجوب شوارع الرياض على مدار اليوم، وتربط بين الأحياء المختلفة، مما عزز من كفاءة التنقل اليومي وقد تم تجهيز هذه الحافلات ومحطاتها بمستوى عالٍ من الاحترافية، حيث وُضعت محطات انتظار مكيفة في أماكن متعددة، مزوّدة بشاشات إلكترونية تعرض مواعيد الحافلات بشكل دقيق، تساعد المستخدمين على الانتظار في أجواء مريحة، خاصة في ظل حرارة فصل الصيف.
إلا أن هذه المحطات، وعلى الرغم من وضوح الغرض من إنشائها، بدأت تشهد استخدامات خارجة عن الهدف الأساسي لها. ففي كثير من المواقع، أصبحت محطات النقل العام مكانًا يرتاده العاملون في خدمات توصيل الطلبات، والذين يستخدمونها كمواقع للجلوس والاستراحة، بل وأحيانًا كمراكز لتبادل الأحاديث فيما بينهم، متجاهلين أن هذه المساحات صممت خصيصًا لخدمة ركاب الحافلات.
هذا الاستخدام غير الصحيح لا يضر فقط بتجربة الركاب، بل يتسبب في ازدحام وإرباك في المكان، ويخرج المحطة عن وظيفتها الحقيقية ولذا، فإن هذا الأمر يستوجب تدخلاً واضحًا من الجهات المعنية، خصوصًا هيئة النقل، من خلال تنظيم استخدام هذه المحطات وفرض عقوبات على من يشغلها دون وجه حق.
في الحقيقة تواجه الرياض تحديًا متزايدًا في السلامة المرورية بسبب الانتشار الواسع لسائقي الدراجات النارية العاملين في توصيل الطلبات، وذكرت وزارة النقل وجود أكثر من 56 تطبيقًا مرخصًا، ما يعكس العدد الكبير من السائقين الذين يتحركون دون مسارات مخصصة أو تنظيم واضح. ورغم أهمية هذه الخدمة اقتصاديًا، فإن غياب التنظيم يشكّل خطرًا على الجميع، ويؤكد الحاجة إلى إعادة تنظيم هذا القطاع بما يضمن السلامة المرورية ويحسّن كفاءة الخدمات دون الإضرار بالمصلحة العامة.
ومن وجهة نظري، فإن أحد الحلول العملية التي يمكن تبنيها هو تخصيص أماكن استراحة مهيأة لسائقي التوصيل، كما هو معمول به في مدينة الخبر، حيث توفر لهم هذه الأماكن فرصة للراحة والتنظيم دون التأثير على المرافق العامة أو التسبب في فوضى مرورية كما أن تخصيص مثل هذه الأماكن يعزز من جودة الخدمات ويقلل في الوقت نفسه من استخدام المساحات العامة بشكل غير مناسب.
وفي ضوء هذه التحديات، نحن بحاجة إلى حلول سريعة تضمن تحقيق التوازن بين كفاءة النقل والسلامة العامة، أبرزها تحسين البنية التحتية، وتخصيص مسارات آمنة للدراجات النارية، إلى جانب ضبط استخدام محطات الحافلات وقصرها على مستخدمي النقل العام فقط، مع توفير أماكن استراحة مخصصة لسائقي التوصيل تضمن راحتهم دون التأثير في المرافق العامة.