محمد الخيبري
شهدت صفقات نادي الهلال مع اللاعبين الأجانب في الآونة الأخيرة جدلاً واسعاً وتساؤلات كثيرة، خاصةً مع الحديث عن غموض يكتنف بعض المفاوضات التي لم يكتب لها النجاح.. فقد كانت هناك أسماء وازنة على طاولة النادي، لكنها في النهاية لم ترتدي قميص الهلال، بل وذهب بعضها إلى أندية منافسة.
من أبرز الأمثلة التي أثارت الجدل هي صفقة النيجيري «فيكتور أوسيمين» والسويدي «ألكسندر إيزاك».. فبعد أن كانت وسائل الإعلام تتحدث عن مفاوضات متقدمة مع هذين اللاعبين، وعن وعود بقرب حسم الصفقات، انتهى الأمر بإجهاض هذه المحاولات دون إيضاحات كافية، مما ترك علامات استفهام حول الأسباب الحقيقية التي أدت إلى فشل إتمامها.
ولم يقتصر الأمر على اللاعبين الذين لم يتم التعاقد معهم، بل تعداه إلى صفقات كانت تبدو محسومة للهلال، لتتحول بشكل مفاجئ إلى وجهة أخرى.. حالة الفرنسي «كينغسلي كومان» تعتبر أبرز مثال على ذلك، حيث أفادت التقارير أنه وافق على الانتقال إلى الهلال، قبل أن يتم الإعلان عن تعاقده مع نادي النصر.
هذا السيناريو أعاد إلى الأذهان ما حدث سابقاً مع البرازيلي «أندرسون تاليسكا»، الذي كان قريباً جداً من ارتداء قميص الهلال، لينتهي به المطاف في النصر، في واحدة من الصفقات التي لا تزال عالقة في أذهان الجماهير..
والأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فصفقة الكولومبي «جون دوران» مثلت صدمة أخرى.. ففي الوقت الذي كان فيه اللاعب خياراً مطروحاً للهلال كلاعب مواليد بمبلغ 37 مليون يورو، فاجأ النصر الجميع بالتعاقد معه مقابل 77 مليون يورو، ليصبح أغلى صفقة في تاريخ الميركاتو الشتوي، وهو ما أثار دهشة الكثيرين حول كيفية تحول مسار الصفقة بهذا الشكل الدراماتيكي، والفارق الكبير في السعر بين العرضين.. هذه الوقائع المتكررة تثير تساؤلات جدية حول ما يحدث خلف كواليس المفاوضات في نادي الهلال.
هل هناك عوامل خفية تعرقل سير هذه الصفقات؟ أم أن هناك أخطاء إدارية في التعامل مع هذه الملفات؟ وما السر وراء تحول بعض اللاعبين في اللحظات الأخيرة إلى أندية منافسة؟ هذه الأسئلة تظل بحاجة إلى إجابات واضحة لتهدئة الجماهير التي كانت تأمل في رؤية هذه الأسماء الكبيرة ضمن صفوف فريقها.
تزامنت هذه الأحداث مع ارتفاع وتيرة المطالبات الجماهيرية الهلالية لوزارة الرياضة والاتحاد السعودي لكرة القدم بضرورة المساواة في الدعم المقدم للأندية، خاصة تلك التي استحوذ عليها صندوق الاستثمارات العامة.. هذه المطالبات جاءت عقب نشر تقارير صحفية حول حجم إنفاق الأندية السعودية، والتي أظهرت أن الهلال يحل رابعاً من حيث حجم الإنفاق على الرغم من أنه كان بحاجة ماسة لتدعيم صفوفه بلاعبين أجانب.. هذا الوضع يثير تساؤلات حول المعايير المتبعة في توزيع الدعم، خصوصاً وأن الهلال يُعد النادي الأكثر التزاماً بالحوكمة المالية، ولا توجد لديه قضايا احترافية مسجلة سواء في الاتحاد السعودي لكرة القدم أو في الاتحاد الدولي (FIFA)، مما يعكس استقراراً إدارياً ومالياً يُفترض أن يجعله من أولى الأندية التي تحظى بالدعم الكافي لإتمام صفقاته..
إن الغموض في ملف صفقات اللاعبين الأجانب، مقترناً بشعور الجماهير بعدم المساواة في الدعم المالي، يضع إدارة الهلال أمام تحديات كبيرة، ويفرض على الجهات المعنية ضرورة توضيح المعايير المتبعة لضمان الشفافية والعدالة بين الأندية، وبما يخدم مصلحة الكرة السعودية ككل.
على الرغم من حدة هذه المطالبات، فإن الجماهير الهلالية حافظت على النموذجية في التعبير، حيث استخدمت الأساليب الحضارية عبر منصات التواصل الاجتماعي.. فقد لوحظ تفاعلهم من خلال «منشنة» الحسابات الرسمية للاتحادات والهيئات الرياضية، وحتى حساب سمو وزير الرياضة ورئيس اتحاد القدم، وذلك بهدف إيصال صوتهم بشكل مباشر ومهذب، بعيداً عن أي تجاوزات، وهو ما يؤكد وعياً جماهيرياً بأهمية المطالبة بالحقوق عبر القنوات الرسمية.