د. سطام بن عبدالله آل سعد
عودة الأمير نواف بن سعد إلى رئاسة الهلال تشبه دخول بطل إلى خشبة المسرح وسط الأضواء الكاشفة، والجمهور يترقب أداءً يليق بذروة ما شاهده سابقًا، جمهور يقيس النجاح بالبطولات، وبهيبة النادي، وبالمحافظة على صدارة باتت قدراً حتمياً.
ومن هذا المنطلق، لا يمكن النظر إلى الحاضر بمعزل عن الإرث الثقيل الذي تركته السنوات الست الماضية، بكل ما حملته من إنجازات وتحديات.
فقد كان الهلال قبل عام 2019 كبيرًا، لكن ما بعدها جعله يتجاوز حدود النادي القاري ليصبح مشروعًا وطنيًا وعلامة عالمية. فالإدارة السابقة رفعت سقف التوقعات حتى صارت القمة نقطة انطلاق، وأي إنجاز أقل منها يُعد تراجعًا. هذا السقف العالي هو أرضية نواف بن سعد اليوم، وأي تعثر فوقه سيكون إخفاقًا قاسيًا.
ومن هنا تبرز معادلة صعبة؛ حيث الحفاظ على هذه القمة ليس مهمة شكلية، إنما اختبار لقدرة الإدارة على مواجهة الضغوطات.
ويكمن التحدي هنا في الحفاظ على النسق الذي بُني خلال ست سنوات من حضور قاري، ومنافسة محلية شرسة، وهيبة إدارية انعكست على السوق التعاقدي والانضباط الداخلي والإدارة المالية والإعلامية. فكل صفقة، وكل تصريح، وكل قرار فني أو إداري سيُوزن بميزان المقارنة: هل يحافظ على الرتم ذاته؟ أم يفتح الباب لتراجع تدريجي؟
وهذا يقودنا إلى أنّ النجاح لا تصنعه الإدارة وحدها، بل يحتاج إلى أذرع ميدانية تُترجم الخطط إلى نتائج. فالمدرب واللاعبون أمام مسؤولية مضاعفة لترجمة مساعي الإدارة إلى واقع يليق بطموح الهلال، وذلك بالمحافظة على النسق التصاعدي الذي ظهر في كأس العالم للأندية، وتطويره ليصبح قاعدة ثابتة لا لحظة استثنائية. فالتاريخ يكتبه الاستمرار في القمة، والانضباط في التفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة، والقدرة على تحويل كل مباراة إلى رسالة تؤكد أن الهلال يصر على البقاء حيث لا يصل الآخرون.
ومع ذلك، فإن الحفاظ على هذا الزخم يتطلب استعدادًا لمتغيِّرات المستقبل، لا الاكتفاء بإرث الماضي.
فالمستقبل يفرض متغيرات جديدة: منافسة أشد في سوق الانتقالات، وضغوط إعلامية مضاعفة، وجماهير أكثر وعيًا وعمقًا في النقد. وفي مواجهة هذه المعطيات، وكعادة الأمير نواف بن سعد، ستكون هناك إدارة حكيمة، وقرارات محسوبة، وقدرة على الابتكار دون التفريط في الثوابت.
وفي مثل هذه الظروف، يصبح أي قرار مصيرياً؛ إما أن يعزِّز المسار، أو يفتح ثغرة للانتكاس.
إنها لعبة السير على حبل مشدود؛ فأي خطوة خاطئة قد تُحدث شرخًا في جدار الإنجازات، وأخرى صائبة قد تُرسخ الهلال في موقعه العالمي وتجعله امتدادًا ناجحًا لإرث من سبقه. فهذه مرحلة حسم الخيارات واستثمار الفرص، فالهلال اليوم يُدار تحت عيون جماهير لا تتجاوز الخطأ، وتدرك تمامًا متى يكون الرئيس متوازناً.. ومتى يفقد ميزانه.