د. فاطمة إبراهيم المنوفي
لا عجب أن إسرائيل أصبحت الآن أكثر جرأة، فهي تقتل الصحفيين، تعترف بقتل 6 صحفيين وعاملين في وسائل الإعلام، تقتل طاقما صحفيا كاملا دون أدنى خوف أو شك في القدرة على الإفلات من العقاب. كل هذا مع أن قوانين الحرب واضحة، بأن الصحفيين مدنيون، واستهدافهم عمدا في الحرب هو جريمة حرب.
نعم، تواصل إسرائيل جرائمها ضد الإنسانية دون ردع أو عقاب، فتقتل المدنيين الأبرياء وتستهدف الصحفيين الشجعان الذين يفضحون جرائمها. بالنسبة لها، كل شيء هو حماس. الصحفيون حماس، الأطباء والمسعفون حماس، المدارس حماس، الحقيقة حماس، الأمم المتحدة حماس، الموضوعية حماس، والإنسانية حماس.
كما يقول المثل العربي: «من أمن العقاب أساء الأدب»، أي أنه عندما يغيب العقاب، ينتشر الفساد والظلم.
نعم، ستستمر إسرائيل في عمليات القتل، ولن يتوقف شلال الدم، وسيستمر الدمار. كل يوم، سيُقتل المزيد من الأبرياء، وسيُستهدف الصحفيون لإخفاء الحقيقة ما دامت إسرائيل تشعر بالأمان من العقاب.
لقد قتلت إسرائيل مجموعة كبيرة من المراسلين والمصورين في غزة تمهيدًا لاحتلالها العسكري الوشيك، وسط صمت عالمي مدوٍّ. وعلى مدى العامين الماضيين، قُتل 265 صحفيًا في غزة.
هنا في غزة، يبدو أن الهدف الواضح هو إخفاء جرائم الحرب، لا سيما مع العمليات العسكرية الوشيكة لجيش الاحتلال.
الصحفيون الذين اغتيلوا هم المراسلان أنس الشريف ومحمد قريقع، والمصوران إبراهيم زاهر ومؤمن عليوة، ومساعدهما محمد نوفل. وكان أنس الشريف قد حصل العام الماضي على جائزة «مدافع حقوق الإنسان» من منظمة العفو الدولية في أستراليا.
هؤلاء الصحفيون الشجعان عاشوا مرارة فقدان الأهل، وعانوا التهجير والتشرد والجوع والعطش، وذاقوا مرارة البرد وحرارة الشمس الحارقة. شهدوا آلاف الجرائم ضد الإنسانية. والآن ارتقوا شهداء.
تسيل الدماء بدعم القوى الغربية، وبصمت وتواطؤ آخرين. فبينما كانوا في خيمة صحافة يكشفون جرائم قتلة الأطفال ضد الإنسانية. ولم يسمِّ الجناة ما فعلوه «خطأً»، بل اعترفوا أنهم كانوا يريدون استهدافهم وقتلهم.
لا يمكن بعد كل هذه الجرائم المروعة والوحشية الادعاء بوجود حقوق إنسان وعدالة. الإعلام الغربي متواطئ مع الدولة العنصرية المدعومة من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي في الهولوكوست ضد الفلسطينيين.
ومع ذلك، كلما زاد مجرمو الحرب من وحشيتهم، اتضح أكثر أن النصر قريب، وأن هزيمتهم أقرب مما نتخيل، فهم ضعفاء لدرجة أنهم لا يستطيعون سوى استهداف الصحفيين العزل.