د.علي آل مداوي
كم أنا فخور بما حققته بلادي في سياستها الخارجية عبر دبلوماسيتها المتألقة التي أثبتت للعالم أنها تقود السلام ودورها رائد في ترسيخ الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي ففي هذا الإطار حققت نجاحا باهرا في مسار حراك دبلوماسيتها الاستثنائي لدعم القضية الفلسطينية العادلة وجهودها لافتة في هذا الإطار، وتعد القضية في صدارة الأولويات الوطنية والسياسية والإنسانية لبلادي.
لعبت دبلوماسيتها دورا محوريا في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني خلال كامل المنعطفات التاريخية منذ عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وجميع أبنائه الملوك البررة من بعده حتى العهد الزاهر عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله-.
بات دعم بلادي لفلسطين جزءا لا يتجزأ من سياستها الخارجية، وتعد أكبر داعم تاريخي للقضية الفلسطينية عربيا وعالميا، ولا شك أن مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- عام 2002، هي الركيزة الأساسية والتي نصت على انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي المحتلة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهي المبادرة التي لا تزال بلادي تتمسك بها لتسوية حل عادل وشامل.
واستمرت بلادي في توظيف وحشد ثقلها العربي والإسلامي والدولي في مؤتمر حل الدولتين التي عقد أخيرا عبر حراك دبلوماسيتها النشطة، وبالشراكة مع الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم، حيث أثمرت جهودها بالاعتراف بدولة فلسطين 147 دولة من أصل 193 دولة عضوا في الأمم المتحدة.
وقد قادت بلادي دعم المؤتمر بهدف إيجاد حل فوري للانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين، وإنهاء أمد الصراع بتحقيق حل الدولتين، إذ باتت دول عدة تؤمن به وتصفه بأنه خيار للسلام، وأكدت دول الاتحاد الأوروبي أن المؤتمر «لحظة حاسمة ليس فقط للشرق الأوسط بل للتكتل أجمع».
وقاد عميد دبلوماسية بلادي المؤتمر المتألق سمو الأمير فيصل بن فرحان، وزير خارجيتنا، الذي لفت حضوره الحاضرين، وكانت كلمته لها الأثر العميق في المؤتمر، وحقق إنجازا وطنيا في ميدان السياسة العالمية، وأعطى لبلادي دورا متميزا في مضمار العلاقات الدولية المبنية على الاحترام والتقدير، وحقق لها نجاحا سياسيا ينظر لها العالم بأهمية بالغة في الاعتراف بدولة فلسطين.
فقد عكست كلمة سموه وضوح الرؤية السعودية، حين دعا إلى تبني مبادرة السلام العربية كأساس عادل وشامل للحل، مشددا على أهمية تفعيل التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، كإطار عملي لمتابعة مخرجات المؤتمر.
وعبر محمد مصطفى رئيس الوزراء الفلسطيني عن الامتنان لهذه الجهود، مؤكدا أن «المملكة أنضجت الاعترافات الدولية بدولة فلسطين»، وأن تنفيذ حل الدولتين يمثل الطريق الوحيد لتحقيق السلام والأمن في المنطقة.
ولا يخفى على الإعلام الدولي بأن إقامة المؤتمر تتزامن في ظل الأوضاع العصيبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، جراء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني وانتهاكاته الجسيمة، ويهدف إلى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وتنفيذ حل الدولتين، إذ شكل منعطفا مهما لحل القضية الفلسطينية.
دور بلادي في إقامة المؤتمر تعد لحظة فارقة وحاسمة، لتجسيد حل الدولتين، ووقف السياسات الإسرائيلية غير القانونية، من سياسة الحرب والتجويع في غزة، إلى التطهير العرقي في الضفة، ومنظومة الاستيطان والضم، كما يمثل المؤتمر فرصة «لحشد دعم إعادة إعمار غزة ومؤتمر مانحين للاقتصاد الفلسطيني، ولإلزام إسرائيل تنفيذ الاتفاقيات الموقعة، وعلى رأسها الإفراج الفوري عن الأموال الفلسطينية المحتجزة، ومراجعة الاتفاقيات لتحرير الاقتصاد الفلسطيني من القيود المفروضة، خاصة في المناطق المصنفة (ج)».
ولا شك بأن مؤتمر الأمم المتحدة حول حل الدولتين تعد محطة مصيرية ومسارا ستتم متابعته بدقة، ومحاسبة مخرجاته، والإصرار على تنفيذها إلى واقع سياسي واقتصادي يغير حياة الشعب الفلسطيني ويؤسس لدولة فلسطين المستقلة.
وفي إطار دعم بلادي للمساعدات الإنسانية، فقد تجاوز حجم التبرعات الإغاثية مبلغ 725 مليون ريال سعودي، وذلك منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وحتى الآن.
تأتي هذه الجهود تأكيدا على مواقفها الراسخة تجاه دعم الأشقاء الفلسطينيين في مختلف الظروف، ودورها الريادي في تقديم العون والمساعدة للدول والشعوب المتضررة من الكوارث والأزمات بدافع إنساني، دون النظر إلى الجنس أو العرق أو الدين.
كما أعلنت بلادي، ممثلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، أن إجمالي المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة المقدمة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة بلغ حتى نهاية يوليو 2025 أكثر من 7.538.97 طنا. شملت هذه المساعدات مواد غذائية وطبية وإيوائية، إضافة إلى إمدادات لوجستية وكهربائية حيوية، تعد هذه المبادرات جزءا لا يتجزأ من النهج الإنساني الثابت لبلادي وموقفها الداعمة للقضية الفلسطينية.
ختاما دور بلادي قيادي في تعزيز الأمن والسلم الدوليين، وثقلها على الصعيدين الإقليمي والدولي، جعل مكانتها كقوة مسؤولة وفاعلة، لا تكتفي بإدارة الأزمات الإقليمية والدولية وإيجاد حلولها، بل تسعى إلى حلها من جذورها، عبر تحالفات بناءة ومبادرات واقعية، تجعل بلادي اليوم مركزا لصناعة السلام الدولي، فالقضية الفلسطينية المركزية جزء من رؤية أوسع للاستقرار الإقليمي التي حققت بلادي نجاحا أخيرا في مؤتمر حل الدولتين وزيادة نسبة الدول بالاعتراف بدولة فلسطين إقليميا وعالميا.